والمعصية بالحسن كذلك لا يمكن أن يتّصف التجرّي بالحسن » [1] . وأمّا ما ذكره من أنّ الوجوه والاعتبارات هي نفس الأفعال التي يتجرّى بها واقعاً ، فيرد عليه إشكالان : أحدهما : أنّه خلط بين باب المصلحة والمفسدة وباب الحسن والقبح ، فإنّ الفعل بما هو في الواقع قد يكون قبيحاً بالرغم من احتوائه على مصلحة ولا يكون حسناً بالضرورة ، وقد يكون ذا مفسدة وليس بقبيح ، فإنّه لا ملازمة بين البابين كما تقدّم ، ومن هنا ذكروا أنّ من الفوارق بين البابين هو أنّ المصلحة والمفسدة تتحقّقان من دون توقّف على العلم بهما ، بخلاف الحسن والقبح فإنّهما يتوقّفان عليه . ثانيهما : أنّ ما ذكره من أنّ القبح يكون أشدّ فيما لو تعدّد ملاكه من خلال كون الفعل المتجرّى به معصية واقعاً ، ليس بتامّ ؛ ضرورة عدم معقولية اجتماع المعصية والتجرّي في الوقت نفسه ، لأنّ مرجعهما إلى المصادفة وعدم المصادفة للواقع وهما لا يجتمعان [2] ، ومنه يظهر عدم تمامية ما أفاده صاحب الفصول في هذه المسألة ، وبه يتمّ الكلام في المقام الأوّل من البحث وهو إثبات قبح التجرّي عقلاً .
[1] فوائد الأصول ، مصدر سابق : ج 3 ص 54 . [2] راجع دراسات في علم الأصول : ج 3 ص 40 ؛ بحوث في علم الأصول : ج 4 ص 66 .