احتمال الحرمة قبل الفحص منجّز عقلاً ، وهذا حكم عقليّ ، إلاّ أنّهم قرّروا بعد ذلك بأنّ المكلّف لو فحص ووجد مرخّصاً من قبل الشارع فسوف يرتفع ذلك الحكم العقلي . فلو كان الحكم المذكور تنجيزيّاً لما صحّ ذلك ، ومن ثمّ نفهم أنّهم لا يقولون بتنجيزيّة الحكم العقلي على نحو الموجبة الكلّية ، بل ثمّة أحكام عقلية تقتضي وجوب المتابعة ما لم يمنع من ذلك مانع كورود المرخّص الشرعي . الثاني : بناءً على ثبوت البراءة العقلية من خلال حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فإنّهم حكموا هناك برفع اليد عن هذه القاعدة العقلية فيما لو جاء دليل شرعيّ يوجب الاحتياط والإلزام ، ومعلومٌ أنّ هذا لا يتمّ إلاّ مع كون حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان تعليقيّاً ، ومن هنا صاروا بصدد التوفيق بين الحكم العقلي الذي تقتضيه القاعدة وبين إلزام الشارع بالاحتياط . بالاستناد إلى معطيات الكلام المتقدّم نرى أنّ هؤلاء الأعلام قبلوا تعليقية الأحكام العقلية في أكثر من مورد . وباتضاح هذه المقدّمة نشرع بالجواب المختار في هذه المسألة : ثبت في السابق من فقرات هذا البحث أنّ مولوية الحقّ سبحانه وتعالى مولوية ذاتية ثابتة في الواقع ونفس الأمر ، ولا تنالها يد الجعل نفياً وإثباتاً ، وليس للعقل هنا إلاّ إدراك الواقع وكشفه ، وذكرنا أنّ منشأ هذه المولوية هو مالكية الله سبحانه وتعالى لنا الثابتة بملاك خالقيّته . في ضوء هذه الحقيقة فإنّ العقل حينما يدرك هذه المولوية سوف يُدرك أيضاً بأنّ هذا الحقّ ثابت لأجل حفظ مولوية المولى وعدم الخروج عن زيّ عبوديّته ورسوم طاعته ، وليس للعقل أن يدرك هنا بأنّ هذا الحقّ ثابت على رغم أنف المولى ! وعندما نقف على تحليل المعنى