التضادّ يلزم بلحاظ التحريك الذي يقتضيه كلا الحكمين ، كأن يكون الحكم الواقعي مقتضياً للبعث والتحريك ، والظاهري مقتضياً للنهي والزجر عن العمل . الثالث : أن نتصوّر حصول التضادّ بلحاظ الاعتبار والإبراز الذي يحتوي على كلا الحكمين ، وقد قرّروا في محلّه أنّ الاعتبار شيء ، وإبراز الاعتبار شيءٌ آخر ، فإنّ قوله تعالى : وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [1] ليس هو الاعتبار والحكم الشرعي بل هو المبرز للحكم ، وأمّا الحكم الشرعي فهو الموجود في أفق نفس المشرّع . فالتضادّ بحسب هذا المعنى يقع بين الحكمين في مستوى الاعتبار والإبراز . فتحصّل من هذا البيان التعرّف على المستويات الثلاثة التي يمكن أن يقع فيها التضادّ المذكور . أمّا بناءً على المستوى الثالث ، فلا إشكال في عدم حصول التضادّ في هذا المستوى ، لأنّ الاعتبار المحض سهل المؤونة ، فإنّ الأحكام الشرعية لا مضادّة بينها في أنفسها ، إذ الحكم ليس إلاّ الاعتبار ، أي اعتبار شيء في ذمّة المكلّف ، ومن الواضح عدم التنافي بين الاعتبارات ، وكذا لا تنافي بين إبرازها بالألفاظ ، وعليه فلا تضادّ على هذا المستوى . وأمّا فيما يخصّ التضادّ في المستوى الأوّل ، أي التضادّ في عالم المبادئ ، فقد أجاب عنه السيّد الخوئي ومن تبعه من الأعلام بما يلي : إنّه لا مضادّة من ناحية المبدأ ، لأنّ المصلحة في الحكم الظاهري إنّما تكون في نفس جعل الحكم لا في متعلّقه ، كما في الحكم الواقعي ، فلا يلزم من مخالفتهما اجتماع المصلحة والمفسدة ، أو وجود المصلحة