يكون علّة تامّة لوجوب المتابعة والامتثال ؟ والجواب : إنّ متعلّق القطع أو المقطوع به هو الأمر الصادر من الآمر الذي يدرك العقل بأنّ له حقّ الطاعة على المكلّف القاطع ، أي يدرك بأنّ المقطوع به هو أمر المولى وتكليفه . وإلاّ فإنّ مجرّد القطع بصدور الأمر من دون هذا الإدراك لا يوجب المتابعة . وبهذا البيان يتّضح أنّ القطع بما هو كاشف تامّ ، ليس تمام الملاك في وجوب المتابعة والامتثال ، بل ثمّة حيثيّة أخرى ينبغي الالتفات إليها في إثبات حجّية القطع بالمعنى الأصولي ، ولا نعني بها إلاّ أن يكون متعلّق القطع تكليفاً صادراً من آمر يدرك العقل وجوب امتثال أوامره ومتابعة تكاليفه ، وهو المولى الذي له حقّ الطاعة على العبد . وليس المقصود من هذا الكلام نفي حيثيّة الكاشفية التامّة للقطع في مسألة الحجّية ، بل المقصود أنّ الحجّية لا تتحقّق إلاّ بالأخذ بكلتا الحيثيّتين ، وإلاّ فمن الواضح عدم كفاية الحيثيّة الثانية لإثبات الحجّية المطلوبة ؛ ضرورة أنّ الحكم لا يكتسب صفة البعث والتحريك إلاّ مع انكشافه للمكلّف بتوسّط القطع . في ضوء ذلك - وبعد أن تقدّم الكلام مفصّلاً عن حقيقة الحيثيّة الأولى التي هي الكاشفية التامّة للقطع في السابق من فقرات هذا البحث - ينبغي الوقوف على حقيقة الحيثيّة الثانية وهي المولويّة ومعرفة أبعادها ومقدار الدور الذي تقوم به في إثبات حجّية القطع ، فنقول : يقع البحث في المولوية في مقامين : الأوّل : بيان أقسام المولوية . الثاني : بيان درجات المولوية .