نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 462
مفسدة في الدين ، ولو كان كذلك لوجب على القديم تعالى إعلامنا ذلك ، فلمّا لم يعلمنا ذلك علمنا أنّها حسنة ، وقد مضى في دليلنا ما يمكن أن يكون كلامنا على هذه الشبهة ، وذلك أنّا قلنا : إنّ هذه الأشياء لا نأمن أن يكون فيها ضرر آجل ، وإذا لم يأمن ذلك قبح الإقدام عليها كما لو قالوا : قطعنا أنّ فيها ضرراً . وأجبنا عن قولهم : " إنّه لو كان فيها ضرر لكان ذلك لأجل المفسدة وذلك يجب على القديم إعلامنا إيّاه بأن قلنا : لا يمتنع أن تتعلّق المفسدة بإعلامنا جهة الفعل على وجه التفصيل ويكون مصلحتنا في الوقف والشكّ وتجويز كلّ واحد من الوجهين في الفعل ، وإذا كان ذلك جائزاً لم يجب عليه تعالى إعلامنا ذلك وجاز أن يقتصر بالمكلّف على هذه المنزلة . واستدلّوا أيضاً بأن قالوا إذا صحّ أن يخلق تعالى الأجسام خالية من الألوان والطعوم فخلقته تعالى للطعم واللون لابدّ أن يكون فيه وجه حسن ، ولا يخلو ذلك من أن يكون لنفع نفسه أو لنفع الغير أو خلقها ليضرّبها ، ولا يجوز أن يخلقها لنفع نفسه لأنّه تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، ولا يحسن أن يخلقها ليضرّ بها ، لأنّ ذلك قبيح الابتداء به ، فلم يبقَ إلاّ أنّه خلقها لنفع الغير ، وذلك يقتضي كونها مباحة . والجواب عن ذلك من وجوه : أحدها : أنّه إنّما خلق هذه الأشياء إذا كانت فيها ألطاف ومصالح وإن لم يجز لنا أن ننتفع بها بالأكل بل نفعنا بالامتناع منها فيحصل لنا به الثواب ، كما أنّه خلق أشياء كثيرة يصحّ الانتفاع بها ومع ذلك فقد حظرها بالسمع مثل شرب الخمر وأكل الميتة والزنا ، وغير ذلك . وليس لهم أن يقولوا : إنّ هذه الأشياء إنّما حظرها لما كانت مفسدة في الدين وأعلمنا ذلك ، وليس كذلك ما يصحّ الانتفاع به ولا يعلم ذلك فيه ، وذلك أنّا قد بيّنّا أنّه لا فرق بين أن يتعلّق المصلحة بإعلامنا من جهة الفعل من قبح أو حسن فيجب عليه أن يعلمنا ذلك ، وبين أن يتعلّق المصلحة بحال لنا يجوز معها كلّ واحد من الأمرين ، فيجب أن يقتصر بنا على تلك الحال ، لأنّ المراعى حصول المصلحة وإذا ثبت ذلك لَحِق ثباتُ ما علمنا قبحه على طريق القطع والثبات في أنّه
462
نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 462