نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 461
الإباحة ونتكلّم عليه إن شاء الله تعالى . واستدلّ كثير من الفقهاء على أنّ الأشياء على الحظر أو الوقف بقوله تعالى : ( وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا ) [1] وبقوله : ( لئلاّ يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل ) [2] فقالوا : بيّن الله تعالى أنّه لا يستحقّ أحد العقاب ولا يكون لله عليهم حجّة إلاّ بعد إنفاذ الرسل ، وذلك يفيد أنّ من جهتهم يعلم حسن هذه الأشياء أو قبحها ، وهذا لا يصحّ الاستدلال به من وجوه : أحدها : أنّ هاهنا أُموراً كثيرة معلومة من جهة العقل وجوبها وقبحها ، مثل : ردّ الوديعة وشكر المنعم والإنصاف وقضاء الدين وقبح الظلم والعبث والكذب والجهل وحسن الاحسان الخالص ، وغير ذلك ، فعلمنا أنّه ليس المراد بالآية ما ذكروه ، ومتى ارتكبوا [ أنّ ] [3] دفع هذه الأشياء [ ليست ] [4] معلومة إلاّ بالسمع علم بطلان قولهم وكانت المسألة خارجة عن هذا الباب . ومنها : أنّ لله حججاً كثيرة غير الرسل من أدلّة العقل الدالّة على توحيده وعدله وجميع صفاته الّتي من لا يعرفها لا يصحّ أن يعرف صحّة السمع ، فكيف يقال : لا تقوم الحجّة إلاّ بعد انفاذ الرسل ؟ والمعنيّ في الآيتين أن تحملا على أنّه إذا كان المعلوم أنّ لهم الطافاً ومصالحاً لا يعلمونها إلاّ بالسمع وجب على القديم تعالى إعلامهم إيّاها ، ولم يحسن أن يعاقبهم على تركها إلاّ بعد تعريفهم إيّاها ، ولم تقم الحجّة عليهم إلاّ بعد إنفاذ الرسل ، ومتى كان الأمر على ذلك وجبت بعثة الرسل ، لأنّه لا يمكن معرفة هذه الأشياء إلاّ من جهتهم . واستدلّ من قال هذه الأشياء على الإباحة بأن قالوا : نحن نعلم ضرورة أنّ كلّ ما يصحّ الانتفاع به ولا ضرر على أحد فيه عاجلا ولا آجلا ، فإنّه حسن كما يعلم أنّ كلّ ما لا نفع فيه عاجلا ولا آجلا قبيح ، فدافع أحد الأمرين كدافع الآخر ، وإذا ثبت ذلك وكانت هذه الأشياء لا ضرر فيها عاجلا ولا آجلا فيجب أن تكون حسنة . قالوا : ولا يجوز أن يكون فيها ضرر أصلا لأنّه لو كان كذلك لم يكن إلاّ لكونها
[1] الاسراء : 15 . [2] النساء : 165 . [3] و [4] لم يردا في خ والمصدر .
461
نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 461