فعلياً من جميع الجهات ويحكم العقل حينئذ بوجوب امتثاله واستحقاق العقاب على مخالفته ، فيكون معنى الفعلية من جميع الجهات أن يصل الحكم إلى المرتبة الثالثة مع تحقّق علم المكلّف به ثانياً ، وعدم قيام أمارة أو أصل عمليّ على الخلاف ثالثاً . أمّا لو وصل الحكم إلى مرتبة الفعلية ولم يكن المكلّف عالماً به ( مشكوكاً ) ثمّ قامت الأمارة على خلافه لا يكون فعلياً من جميع الجهات حينئذ . وعليه لا يكون الحكم الواقعي موجوداً في حقّ المكلّف ؛ ضرورة عدم فعليته من جميع الجهات ، وبذلك يرتفع موضوع التنافي بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري ؛ إذ مع عدم وجود الحكم الظاهري فالموجود هو الحكم الواقعي فقط ، ومع وجود الحكم الظاهري فالحكم الواقعي ليس فعلياً من جميع الجهات ، بل هو فعليّ في حقّ مع علم به ولم يقم عنده حكم ظاهريّ على الخلاف . ودعوى اشتراك الأحكام الواقعية بين العالم والجاهل ، مدفوعة بأنّ الأحكام المشتركة ليست هي الأحكام الفعلية من جميع الجهات ، بل القدر المشترك هو الأحكام الفعلية من بعض الجهات . أمّا معرفة فعلية الحكم وعدمها فهو ما يمكن التوصّل إليه من خلال لسان الحكم الظاهري المجعول في مورد الشكّ وعالم الإثبات . قال قدّس سرّه : « اعلم أنّ الحكم بعدما لم يكن شيئاً مذكوراً يكون له مراتب من الوجود : أولاها : أن يكون له شأنه من دون أن يكون بالفعل بموجود أصلاً . ثانيتها : أن يكون له وجود إنشاء من دون أن يكون له بعث وزجر وترخيص فعلاً .