أولاها : مرتبة الاقتضاء للحكم ، وهي مرتبطة بعالم المصالح والمفاسد ومبادئ الحكم ، التي تنشأ منها الإرادة والكراهة والحبّ والبغض ، ولا يلزم من تحقّق هذه المرتبة تحقّق الحكم ؛ لعدم فقدان المانع . ثانيتها : مرتبة إنشاء الحكم ، وتتحقّق بعد تشخيص المقتضي ، فينشئ المولى اعتباراً على طبق المصلحة المشخّصة . وسيأتي بيان معنى الإنشاء في هذه المرتبة . ثالثتها : مرتبة فعلية الحكم ، وهي مرحلة البعث والزجر . أي أنّ المولى قد يشخّص المقتضي للحكم وينشئ الاعتبار المطابق له ، لكن لا يصل إلى مستوى البعث والزجر عند المكلّف لعدم فعليته . رابعتها : مرتبة التنجيز والتعذير للحكم ، فمع علم المكلّف بالحكم يكون منجّزاً عليه وإلاّ فلا . أي لا يدخل في موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال إلاّ بعد تحقّق فعليّته والعلم بها من قبل المكلّف ، فيكون التنجيز فرع الفعلية ، كما لو أنّ شخصاً عمل خلاف قانون مشرّع في المجالس النيابية لكنّه لم يصل إلى السلطة التنفيذية ، أي لم يكن فعلياً في حقّه فإنّه لا يؤاخذ على ذلك ؛ لعدم الفعلية . بناءً على ذلك لو تعلّق العلم بالإنشاء فقط دون وصول الحكم إلى الفعلية لا يكون الحكم المذكور منجّزاً لأنّ التنجيز فرع الفعلية [1] . نعم ، للفعلية قسمان : أحدهما : فعلية الحكم من جميع الجهات ، والآخر : فعلية الحكم من بعض الجهات . في ضوء ذلك لو كان الحكم فعلياً - بحسب المرتبة الثالثة - وعلم به المكلّف من دون قيام حكم ظاهريّ على الخلاف ، يكون الحكم المعلوم
[1] درر الفوائد ، مصدر سابق : ص 70 ؛ كفاية الأصول ، مصدر سابق : ص 297 .