ومن هنا يمكن تصوّر تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة . نعم على القول بوجود المصالح والمفاسد في أشخاص متعلّقات الأحكام ، يمكن القول إنّ الإطاعة والامتثال أو الانزجار يكونان لخصوص المصلحة أو المفسدة الموجودة في المتعلّق وليس لأمر المولى ، وعليه تكون الأوامر والنواهي الشرعية إرشادية لا مولوية . أي أنّ حكم العقل بوجوب الطاعة والامتثال يترتّب على وجود المصلحة أو المفسدة في المتعلّق نفسه ولا علاقة له بأنّ ذلك الأمر أو النهي قد صدر ممّن له حقّ المولوية ، وبالتالي لو استطاع العقل أن يقف على المصلحة أو المفسدة أو صادفهما اتّفاقاً فقد تحقّق الامتثال والوصول إلى الكمال حتى لو لم يكن هناك أمر ونهي . بناءً على ذلك ميّز بعض المحقّقين بين الأوامر والنواهي في باب العبادات والنواهي والأوامر في الأبواب الأخرى . وهو الاتّجاه الثالث . الاتّجاه الثالث : ما ذهب إليه الأستاذ الشهيد من أنّ المتعلّقات في باب العبادات خالية من المصالح والمفاسد قبل تعلّق الأمر المولوي بها . نعم تتحقّق فيها المصلحة بعد الأمر بها من الله سبحانه وتعالى لأنّها ستحقّق الامتثال والعبودية له سبحانه . وحيث إنّ هذا الأخير لا يتحقّق إلاّ من خلال متعلّق ، فلا وجود للمصلحة في المتعلّقات بغضّ النظر عن الأوامر الإلهية . قال قدّس سرّه : « ونحن لا ننكر أنّه كثيراً ما يكون ملاك الحكم في نفس الحكم دون متعلّقه ، لكن لا بمعنى أن لا يكون هناك غرض للمولى وراء الحكم ، بل بمعنى أنّ الإتيان بالمتعلّق بعنوانه الأوّلي ليس مطلوباً ، وإنّما المطلوب هو امتثال حكم المولى ، فيحكم المولى بالمتعلّق