وسنّة الحقّ ، لكن هذه السنّة ليست من وضع العقل لكي يحكّم العقل في أفعاله سبحانه ، بل هي مأخوذة من صفاته وأسمائه تعالى . والحاصل أنّ قاعدة اللطف المذكورة استند إليها في إثبات حجّية الإجماع ، ببيان : أنّ لزوم اللطف على الله سبحانه وتعالى بعباده ، الداعي إلى إرسال الرّسل وإنزال الكتب ليهدي الناس إلى السعادة والرّشاد ويُنجيهم من الشقاوة والضلال ، وإلى نصب الإمام في كلّ زمان ليحفظ به دينه عن الزيادة والنقصان ، يقتضي لزوم ردعه الأمّة عند اتّفاقهم على الباطل بإلقاء الخلاف بينهم ، فعدم إلقاء الخلاف عند اجتماعهم على حكم يوجب القطع بأنّه موافق لذلك وأنّ هذا الإجماع كاشف عن الواقع . وهذا البيان بهذه الصياغة ينحو بنا إلى أنّ الإجماع يكشف عن الحكم الواقعي مباشرةً ; أي أنّ قاعدة اللطف طبّقت على الله سبحانه وتعالى ، بمعنى أنّه سبحانه لا بدّ أن يوقع الخلاف حتّى لا تجتمع الأمّة على الباطل . لكن هذه الفكرة طُوّرت بعد الشيخ الطوسي وطبّقت على الإمام المعصوم ، أي أنّ الذي يوقع الخلاف عند اجتماع الأمّة على الباطل هو الإمام وليس الله سبحانه . قال السيّد الشهيد قدّس سرّه : « وقد طوّرت هذه الفكرة في الإجماع في ما تأخّر عن الشيخ الطوسي قدّس سرّه ، فذكر نظير ذلك بالنسبة للإمام عليه السلام ، وذلك بدعوى أنّ وظيفة إمام العصر عجّل الله فرجه الشريف كآبائه الطاهرين عليهم السلام هي إبلاغ الأحكام إلى الناس وسدّ باب العدم من قبلهم ، فإن كان الحكم واصلاً إليهم من قبل إمام سابق ويعرفه بعضهم فليس على إمام العصر عليه السلام شيء ، فإنّ الإيصال واجب كفائيّ