وجب أن يكون ذلك المعصوم الذي هو المراد بقوله ( أولي الأمر ( أهل الحلّ والعقد من الأمّة ، وذلك يوجب القطع بأنّ إجماع الأمّة حجّة [1] . ثمّ يضيف : « وأمّا حمل الآية على الأئمّة المعصومين على ما تقوله الروافض ففي غاية البُعد » . يقرّر الرازي إذن ، بأنّ المعصوم هو إجماع الأمّة لا غير . من الواضح هنا أنّ الرازي وإن كان مصيباً في دلالة الآية على أنّ أُولي الأمر معصومون مطلقاً ، إلاّ أنّه أخفق في تحديد المراد من « أُولي الأمر » ، بل استبعد أن يكون أهل البيت عليهم السلام هم المقصودون من « أُولي الأمر » ، واستقرب بل قطع في الوقت نفسه أن يكون إجماع الأمّة هو المعصوم . مفارقة الاستبعاد والاستغراب التي ارتكبها الفخر الرازي في المقام تستدعي حقّاً التأمّل بل التعجّب ! فكيف يكون حمل الآية على أئمّة أهل البيت عليهم السلام في غاية البُعد ؟ وفي الوقت نفسه يقطع بأنّ المراد من الآية هو إجماع الأمّة ؟ وفي الأمّة من هو على شاكلة يزيد بن معاوية أو الحجّاج وأمثالهم من حكّام الظلم والجر وأعمدة الطغيان والتجبّر . وأيّ أُولي أمر هؤلاء الذين يأمرنا الله بطاعتهم مطلقاً ؟ ! ثمّ لماذا هذا الاضطراب في معرفة من هم أُولو الأمر ، مع أنّ الآية الكريمة قرّرت بعد ذلك ، وقالت : ( فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن أنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الأَخِرِ ) .