ومن الفوارق الأخرى أنّ السيرة العقلائية أوسع مورداً من المتشرّعية كما أشار إليه الأستاذ الشهيد في دورته الأولى ، لكنّه عاد وناقش هذا الفارق في دورته الثانية . أمّا كيف تكون السيرة العقلائية أوسع مورداً من المتشرّعية ؟ فقد قال قدّس سرّه : « إنّ السيرة المتشرّعية باعتبارها دليلاً لبّياً لا بدّ وأن يقتصر فيه على القدر القطعيّ المتيقّن من مدلوله ، فلا يمكن أن نثبت بها إلاّ ما أحرز يقيناً عمل المتشرّعة به من الظهورات ، فمثلاً لا يمكن أن نثبت بها حجّية الظواهر الحالية البحتة غير المكتنفة بالكلام ، إذ لا يمكن القطع بأنّ عمل أصحاب الأئمّة كان على الأخذ بها ؛ لعدم شيوع الاستدلال بمثلها في مجال الاستنباط ، بخلاف الظواهر اللفظية المتمثِّلة في الكتاب والسنّة ، بل بعض مراتب الظهورات اللفظية أيضاً قد لا يحرز العمل به من قبلهم . والحاصل : يكون مضمون السيرة المتشرّعية قضية مهملة وهي في قوّة الجزئية ، فلا يمكن الرجوع إليها كلّما شكّ في حجّية ظهور كان فيه نكتة تستوجب مثل التشكيك ، من قبيل كونه يظنّ بخلافه أو لا يظنّ بوفاقه أو غير ذلك . وهذا بخلاف السيرة العقلائية المنعقدة بمعنى القضية الطبعيّة العقلائية فإنّه لا يشكّ في عمومها ؛ لمطلق الظواهر الحالية واللفظية بمراتبها المتعارفة عقلائياً » [1] . وقد ناقش رحمه الله ذلك وأثبت إمكان تعميم نتيجة السيرة المتشرّعية ومساواة دائرتها للسيرة العقلائية وذلك « بعد ضمّ افتراض وجود السيرة العقلائية أوّلاً ، بل افتراض أخذ أصل ثبوت السيرة العقلائية بعين الاعتبار أمر لا بدّ منه في إثبات أصل السيرة المتشرّعية ، وليس هذا مستدركاً لما