أذهانهم توسّعوا في هذا القانون كي يفي بتلك الحالة النفسية ويقوم مقام تلك القوانين ، ففي كل مورد منعتهم حالة التحّرج عن الإفتاء فيه بمرّ الصناعة ولا يمكنهم التمسّك بمثل الإجماعات المنقولة يتمسّكون بأذيال السيرة والارتكاز » [1] . لكن يبقى السؤال عن سبب حصول هذه الحالة النفسية والتحرّج عن الإفتاء وفقاً للاستدلال الصناعي ، وفي هذا المجال يمكن ذكر عاملين : العامل الأوّل : حصول الاطمئنان الشخصي عند الفقيه ببطلان الحكم الشرعي الناشئ من إعمال القواعد والقوانين الصناعية في الاستدلال ، وحيث إنّ الاطمئنان الشخصي يتعذّر نقله تكويناً إلى الآخرين ، فيبحث الفقيه حينئذ عن دليل علميّ قادر على إثبات الحكم المطمئنّ به إلى الآخرين . العامل الثاني : إنّ الفقيه الذي يتحقّق عنده الشكّ في الحكم الشرعي بمقتضى إعمال القواعد الصناعية يرى أنّ شكّه على خلاف العادة والعرف ؛ لوجود مقتضيات الاطمئنان المخالفة للشكّ المذكور في نفسه ، وبالتالي يتعذّر عليه ترتيب آثار الشكّ من خلال الرجوع إلى القواعد المؤمّنة والأمارات والأصول العقلية والنقلية ، ومن جهة أخرى لا يستطيع ترتيب آثار اليقين والإفتاء بذلك الحكم . فإنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا يستقّل بها العقل إلاّ عند عدم تمامية البيان بحسب مقتضى الطبع والعادة ، دون ما إذا كان البيان تامّاً بحسبهما ، مع بقاء الفقيه شاكّاً في الحكم لوسوسة أو لنزوع خاصّ