الحجّية - عقلاً - هو عدم البيان ، أمّا ملاكها شرعاً - أي الاستصحاب - فهو بيان العدم لا عدم البيان . والأوّل غير الثاني ، فلا تحصيل للحاصل [1] . نعم ، يمكن القول بعدم جريان الاستصحاب في صورة واحدة ، وهي فيما لو بنينا على الصياغة الثانية للوجه الأوّل المتقدّم - والتي ذهب إليها الشيخ والمحقّق النائيني - من أنّ الشكّ في الحجّية كاف للقطع بعدم فعليتها ، ضرورة أنّ فعلية الحجّة متوقّفة على وصولها ، ومع عدمه يحصل القطع بعدم الفعلية ولا تصل النوبة إلى إجراء الاستصحاب ، وبذلك يظهر عدم تمامية ما ذهب إليه السيّد الخوئي قدّس سرّه في الدراسات من الجمع بين جريان الاستصحاب والقول بأنّ فعلية الحكم الظاهري متقوّمة بالوصول [2] . وعلى الثاني - وهو كون المراد من لزوم تحصيل الحاصل بلحاظ الأثر الشرعي - فإنّ الشيخ الأنصاري يقرّر أنّ موضوع جواز الإسناد والاستناد هو الحجّة بوجودها الواصل ، ومع عدم الوصول لا موضوع للجواز فلا يجري الاستصحاب حينئذ [3] . وقد فهم المحقّق الخراساني من كلام الشيخ أنّه بصدد القول بأنّ جريان الاستصحاب لا بدّ له من أثر شرعيّ أوّلاً ، وهذا الأثر يتحقّق موضوعه بنفس الشكّ من دون استصحاب عدم الحجّية ثانياً .
[1] دراسات في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 3 ص 126 ، وكذلك بحوث في علم الأُصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 232 . [2] دراسات في علم الأُصول : ج 3 ص 123 . [3] فرائد الأُصول ، مصدر سابق : ج 1 ص 50 .