التزاحم الأمتثالي لتعدّد الموضوع . وهناك فارق آخر بين التزاحمين هو أنّ التزاحم الملاكي لا يعقل فيه أن يكون كلا الأمرين المتزاحمين فعليين من جميع الجهات إلاّ إذا كان المبدآن متساويين في المصلحة والمفسدة ، فيتساقطان وتشرع الإباحة . أمّا في الأمتثالي فلا ضرورة للسقوط بل هما فعليّان ، إلاّ أنّه مع عدم قدرة المكلّف على الإتيان بهما معاً يتقيّد إطلاق أحدهما بعدم الإتيان بالآخر ، والشاهد على عدم سقوط فعليتهما أنّ المهمّ يكون فعلياً مع عدم الإتيان بالأهمّ ، وبهذا الفرق يقترب التزاحم الحفظي من الأمتثالي . ومن الفروق الأُخرى أنّ الحلّ في التزاحم الملاكي راجع إلى المولى نفسه ، لأنّ هذا التزاحم حاصل على مستوى مبادئ الحكم الواقعي التي يدركها المولى ، أمّا في الأمتثالي فالحلّ بيد المكلّف نفسه لأنّه هو الذي يختار أحد المتزاحمين امتثالاً . [1] وبهذا يقترب التزاحم الحفظي من التزاحم الملاكي ؛ لوقوعهما على مستوى فعل المولى المشرّع . ثمّ إنّ التزاحم الأمتثالي لا يقع إلاّ بين غرضين إلزاميّين ؛ إذ مع كون أحدهما غير إلزاميّ لا معنى لعجز المكلّف حينئذ ، أمّا الملاكي فيمكن تصوّر وقوعه بين الغرضين غير الإلزاميين لكن لا مطلق الغرض غير الإلزامي بل خصوص الغرض الترخيصي الاقتضائي الذي تكون فيه
[1] سواء أنت القدرة شرطاً في الخطاب أو في تنجّز الخطاب ، فإنّ شرط القدرة جاء من جهة العقل ، وعليه لا بدّ أن يكون الحلّ في التزاحم الأمتثالي من العقل أيضاً ، وفي هذا المجال يحكم العقل بفكرة الترتّب التي تقرّر بوجوب الإتيان بالأهمّ مطلقاً ، ووجوب الإتيان بالمهمّ مع عدم الإتيان بالأهمّ . في ضوء ذلك لا يكون للعقل دور في قوانين باب التعارض ؛ لأنّ التزاحم فيها ليس إمتثالياً بل هو ملاكيّ ، وعليه يكون الحلّ بيد المولى المشرّع لا محالة .