المقدّمة الثانية : في بيان أقسام التزاحم بين الحكمين ، فللحكم عوالم ثلاثة ، عالم الملاك والمبادئ ، وعالم المحرّكية ، وعالم الامتثال . ويمكن تصوير التزاحم فيها جميعاً ، فهناك تزاحم ملاكيّ ، وتزاحم امتثاليّ ، وتزاحم حفظيّ . 1 - التزاحم الملاكي : وهو فيما إذا افترض وجود ملاكين في موضوع واحد أحدهما يقتضي محبوبيّته والآخر يقتضي ما ينافيها ويضادّها كالمبغوضية مثلاً ، فيقع التزاحم الملاكي بمعنى أنّه يستحيل أن يؤثّر كلّ منهما في مقتضاهما ؛ لمكان التضادّ بينهما . ومن خصائص هذا التزاحم أنّه لا يكون إلاّ في موضوع واحد وإلاّ لم يكن هناك اجتماع الضدّين كما في مسألة الخمر فهو موضوع واحد يوجد فيه منفعة ومفسدة ، قال تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) [1] . في ضوء ذلك يمكن تصوير خمس حالات لمتعلّق الحكم الشرعي : 1 . أن تكون مصلحة المتعلّق محضة لا مفسدة معها . 2 . أن تكون مفسدة المتعلّق محضة لا مصلحة معها . 3 . أن تتساوى المصلحة والمفسدة . 4 . أن تكون المصلحة غالبة على المفسدة . أن تكون المفسدة غالبة على المصلحة 5 . . ومن الواضح أنّ الحالات الثلاث الأولى لا مشكلة فيها ؛ إذ مع تحقّق المصلحة المحضة إمّا أن تكون شديدة فيكون الحكم إلزامياً ، وإلاّ فهو الاستحباب ، ومع تحقّق المفسدة المحضة فإمّا أن تكون شديدة فالحكم