ضرورة أنّ هذه المقدّمات لا تتحقّق إلاّ بعد تحقّق الإرادة ، ومع فرض وجودها لا تكون الإرادة داعية إليها . الثانية : إنّ المحرّك للمولى لتحقيق إرادة أُخرى يبرز بها الإرادة الأُولى هو نفس الملاك والغرض الواقعي الذي أدّى إلى تحقّق الإرادة التشريعية الأُولى ، وعليه فالإرادة الثانية مترشّحة من الملاك أيضاً وهي موجودة في عرض الأُولى . الثالثة : الإرادة الثانية تابعة شدّة وضعفاً لقوّة الملاك وضعفه أو لأهميّة الغرض الواقعي وعدم أهميّته ، فلو كان الملاك الواقعي شديداً بدرجة لا يرضى المولى بفواته على المكلّف حتّى في فرض الشكّ فيه ، فالمولى يقوم حينئذ بجعلين ، أحدهما : جعل الحكم الواقعي ، والآخر : جعل الحكم الظاهري بوجوب الاحتياط في فرض عدم وصول الحكم الواقعي ، وهذه الإرادة الثانية تابعة لقوّة الملاك وأهميّته ، وعلى أساسها ينظّم الجعل المولوي سواء كان واقعياً أو ظاهرياً . والظاهري قد يكون مخالفاً للواقع ، وهذا تابع لشدّة الملاك الواقعي وضعفه . فلو كان قويّاً لا يرضى المولى بتفويته حتّى في حالة الشكّ ، سوف يجعل حكماً ظاهرياً لحفظه على أيّ حال . لكن قد يكون الملاك الواقعي قويّاً ومع ذلك يجعل المولى حكمه الظاهري مخالفاً له ؛ ومنشأ ذلك هو وجود ملاك واقعيّ أقوى منه يريد المولى حفظه على أيّ حال ، فيقع التزاحم بين الملاكات الواقعية . استناداً لهذه المقدّمات يحاول المحقّق العراقي قدّس سرّه أن يدفع المحاذير اللازمة من جعل الحكم الظاهري . أمّا بالنسبة إلى محذور تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة فيندفع بأنّ الملاك الواقعي إذا كان شديداً فالجعل لا بدّ أن يكون منسجماً مع