قبيحاً من المولى الحكيم حتّى مع فرض انفتاح باب العلم الوجداني بالواقع فضلاً عن انسداده ؛ ضرورة أنّ العلم الوجداني الحاصل للمكلّف لا يكون مصيباً للواقع دائماً بل قد يتضمّن الجهل المركّب . فالمكلّف يعلم بنحو القضية الحقيقية أنّ بعض ما علم به ليس مطابقاً للواقع ، نعم هو يرى أنّ قطعه مصيب للواقع بنحو القضية الخارجية ، والمفروض أنّ الحديث هو في القضية الحقيقية الكبروية القائلة بأنّ بعض علومنا غير مصيبة للواقع . في ضوء ذلك لو ترك المولى المكلّف مع العمل بقطوعه وعلومه ولم يجعل له حكماً ظاهرياً كالأمارة وهو يرى أنّ ما يخطئه من الواقع بحسب علومه أكثر ممّا لو جعل له الحجّية للحكم الظاهري فسيكون ذلك منافياً لمقتضى حكم العقل من عدم صدوره من المولى الحكيم . استناداً لذلك لا بدّ من جعل حكم ظاهريّ بالرغم من مخالفته الواقع لأنّ نسبة المخالفة في الحكم الظاهري أقلّ من نسبتها في حالة العلوم المخطئة ، وبذلك لا يكون جعل الحجّية للحكم الظاهري قبيحاً حتّى مع فرض انفتاح باب العلم الوجداني بالواقع . قال قدّس سرّه : « إنّ الاعتراف بالقبح في صورة الانفتاح ليس في محلّه ؛ لما عرفت من إمكان أن تكون الأمارات غير العلمية من حيث الإصابة والخطأ كالعلم ، بل الطرق المبحوث عنها في المقام كلّها طرق عقلائية عرفية عليها يدور رحى معاشهم ومقاصدهم ومعاشراتهم ، وليس في ما بين أيدينا من الطرق ما يكون اختراعية شرعية ليس منها عند العقلاء عين ولا أثر ، بل جميعها من الطرق العقلائية ، وتلك الطرق من حيث الإتقان والاستحكام عند العقلاء كالعلم ، أي حالها عندهم حال العلم من حيث الإصابة والخطأ ، والشارع قرّر العقلاء على الأخذ بها ولم يردع