استناداً لذلك لا بدّ من السؤال عن الحكم الظاهري ، هل هو متأخّر عن الحكم الواقعي بما هو معلوم بالعرض أم بما هو معلوم بالذات ؟ ولا ريب أنّه متأخّر رتبة عن الحكم الواقعي المعلوم بالذات ، إذ المعلوم بالعرض ليس موجوداً عند المكلّف ، والمعلوم بالذات تارةً يعلم به المكلّف وأُخرى يشكّ فيه ، وعلى الأوّل لا مجال للحكم الظاهري لارتفاع موضوعه ، فيتعيّن الثاني . نعم هما بحسب الواقع في عرض واحد . فعلى مستوى عالم فعل المولى لا يوجد تقدّم وتأخّر في الأحكام ، بل التقدّم والتأخّر من خصوصيات ذهن المكلّف ؛ لأن الحكم الواقعي ينصبّ على الشيء مطلقاً سواء علم به المكلّف أم لا ، أمّا الحكم الظاهري فموضوعه هو الشيء المشكوك في ذهن المكلّف ، وبذلك يظهر أنّ موضوع الحكم الواقعي وموضوع الحكم الظاهري كليهما في رتبة واحدة من حيث فعل المولى ، والترتّب الذهني لا يستدعي بالضرورة ترتّباً واقعياً ؛ إذ إنّ الحكم الظاهري يتحقّق حتى مع عدم وجود واقع فيما لو كانت الصورة الذهنية عند المكلّف غير مطابقة للواقع . والحاصل أنّ الذي ينفعنا في رفع غائلة التضادّ والتنافي هو الترتّب الواقعي ، وما أثبته صاحب الكفاية قدّس سرّه ليس إلاّ الترتّب الذهني . 2 - إنّ التنافي والتضادّ بين الحكمين لا يرتفع حتّى مع التنزّل والقول بوجود ترتّب واقعي بين الحكم الظاهري والواقعي ؛ باعتبار أنّ الكلام ليس في عالم الرتب بل في عالم الوجود والتحقّق في عمود الزمان . ومع فرض كون الحكمين ضدّان ، يستحيل اجتماعهما في الواقع مطلقاً . وبذلك يظهر عدم صحّة التفسير العقلي لكلام الشيخ الأنصاري [1] .