إنّ الجمع المذكور بين الحكم الظاهري والواقعي لو كان تامّاً لجرى أيضاً بين الحكمين الواقعيين المتضادّين فيما إذا لم يصلا إلى المكلّف ، بأن يكون ملاك أحدهما في نفس جعله وملاك الآخر في متعلّقه . وهو قابل للمناقشة أيضاً ؛ ضرورة أنّ السيّد الخوئي قدّس سرّه ذكر أنّ ملاكات الأحكام الواقعية موجودة في نفس متعلّقاتها لا في نفس جعلها ؛ وعليه يكون هذا النقض خروجاً عن محلّ الكلام . نعم يمكن التعليق على أصل كلام السيّد الخوئي بأنّ الوجه المذكور على فرض تماميته فهو يدفع المحذور الخطابي فقط ويبقى المحذور الملاكي على حاله ، مضافاً إلى أنّه لم يببّن الفذلكة الصحيحة لكون الحكم الواقعي سبباً لجعل حكم ظاهريّ أوسع من الغرض الواقعي بنحو يخالفه في بعض الأحيان ، أي كيف تكون أهمّية الأغراض الواقعية بدرجة تؤدّي إلى جعل احتياط أوسع من دائرة الغرض الواقعي بنحو يكون منافياً له . لكن يبقى هذا الوجه متضمّناً لنقطة قوّة يمكن أن تتقدّم بنا نحو الجواب الصحيح في المسألة ، وهي أنّه استطاع أن يجرّد الحكم الظاهري من الملاك في متعلّقه بخصوصه . 3 . تعدّد مراتب الحكم الواقعي هذا الاتجاه هو ما ذهب إليه المحقّق الخراساني وقد تعرّض لذكره في موضعين ، الأوّل في حاشيته على رسائل الشيخ ، والآخر في أوّل مباحث القطع من الكفاية . وهو مبنيّ على ما ذهب إليه قدّس سرّه في تحليله لحقيقة الحكم الواقعي وتعدّد مراتبه . فالحكم الواقعي له عدّة مراتب :