لديه طريق آخر لذلك ؛ ضرورة أنّه لو كان لبيّنه ووصل إلينا ، والحال ليست كذلك . وهذا يقتضي إمضاءه السيرة العقلائية المنعقدة على عدم الاعتناء بالاحتمال المذكور . وعليه فالأصل عند الشكّ - بعد الفحص - في وجود مانع يمنع من الاعتماد على أمارة ما وجعل الحجّية لها هو عدم وجود المانع وتبقى تلك الأمارة على إمكان جعل الحجّية لها ، وهو أعمّ من الوقوع . ومع تحقّق الدليل الإثباتي على الحجّية يثبت الوقوع أيضاً [1] . قال السيد الخميني قدّس سرّه : « لا سبيل إلى إثبات الإمكان ، فإنّه يحتاج إلى إقامة البرهان عليه ، ولا برهان عليه ، كما لا يخفى . ولكنّ الذي يسهّل الخطب أنّه لا احتياج إلى إثباته ، بل المحتاج إليه هو ردّ أدلّة الامتناع ، فإذا لم يدلّ دليل على امتناع التعبّد بالأمارات والأصول نعمل على طبق أدلّة حجيّتها واعتبارها » [2] 2 . اختلاف المسألة باختلاف المباني الكلامية تنتمي مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي في مبادئها الأساسية إلى مجموعة من المباني الكلامي والعقلية التي سنشير إليها بعد قليل . والسؤال المطروح هنا : هل المحاذير واللوازم الباطلة التي أشرنا إليها في ما تقدّم واردة على جميع المباني في هذه المسألة أم ترد على بعضها دون بعضها الآخر ؟
[1] ينظر مباحث الأصول ، تقريراً لأبحاث سماحة آية العظمى الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر ، السيّد كاظم الحسيني الحائري ، الطبعة الأولى ، 1407 ه : ج 2 ص 29 . [2] أنوار الهداية ، الإمام روح الله الموسوي الخميني ، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، 1415 ه - ، ج 1 ، ص 189 .