الصحيح في دلالة الحديث يمكن القول بالاستناد إلى قرائن خارجيّة ومضمون جملة من الروايات الأخرى الواردة في هذا المعنى : أنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله كان بصدد الإشارة إلى الحقيقة التالية : إنّ أمّته سوف تختلف من بعده أشدّ الاختلاف ويقع بأسهم بينهم على حدّ تعبير بعض الروايات ، لكن هذا الاختلاف مع شدّته في التفرّق والتشعّب لا يؤدّي بالأمّة إلى أن تقع جميعاً في الباطل ، بل سيبقى هناك مَن هو على الحقّ وإن كان قليلاً . في ضوء ذلك فإنّ روايات « لا تجتمع أمّتي على ضلالة » مرتبطة بمجمل حقائق الدِّين والشريعة وهي أقرب إلى معارف الدِّين العليا منها إلى مسائل الفروع والفقه والأصول ، أي أنّها تريد بيان أنّ الأمّة سوف تختلف في المذاهب والأصول الاعتقاديّة لكن تبقى هناك راية حقّ في وسط هذا الاختلاف يمكن البحث عنها واتّباعها . ونحن نعتقد أنّ هذه الراية التي تمثِّل الحقّ المقابل للضلالة هي راية أهل البيت عليهم السلام الذين ضحّوا بدمائهم وأرواحهم من أجل حفظ هذا الخطّ الذي يمثِّل الإسلام المحمّدي الأصيل . ويشهد لهذا المعنى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لم يقل : « لا تجتمع أمّتي على خطأ » بل قال : « لا تجتمع على ضلالة » ، وهو عنوان أخصّ من الخطأ لأنّه يستبطن الانحراف والإثم ، وفرق كبير بين خطأ الأمّة وضلالة الأمّة ، إذ إنّ الأوّل لا يستلزم الحكم عليهم بالضلال والانحراف كما هو معلوم . من هنا ورد في ذيل حديث الثقلين المشهور أنّه صلّى الله عليه وآله قال : « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً » ولم يقل : « لن تخطئوا » ، فالرواية