أنّ أبا بكر احتجّ على أحقّية إمامته بعد السقيفة بحديث « إنّ الله لا يجمع أمّتي على ضلال » فردّ عليه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حجّته بعدم تحقّق الإجماع لا بإنكار أصل الخبر ، ووجه الاستدلال أنّ الإمام عليه السلام لم ينف أصل الخبر مع تمكّنه من ذلك ظاهراً في أوائل الأمر ، بل نفى تحقّق الصغرى التي هي إجماع الأمّة ، ومنه يظهر أنّ هذا الخبر كان صادراً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله . فقه الحديث ودلالته لا بدّ أوّلاً أن نقف على المراد الجدّي من الحديث المذكور ، ومعرفة المراد من قوله : « لا تجتمع أمّتي » . إذ قد يطرح هنا احتمالان : الأوّل : أن يُقال بأنّ هذه الفقرة هي إنشاء للحجّية من قبيل قول الإمام : « ما أخبرك الثقة فخُذ به » . الثاني : أن يُقال بأنّ ذلك إخبار عن الحجّية لا إنشاء لها ، أي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يخبر عن حقيقة وهي أنّ الأمّة إذا اجتمعت على شيء فلا يمكن أن يكون ذلك على ضلالة . والفرق بين الاحتمالين أنّ الإجماع بناءً على الأخبار يكون كاشفاً عن الواقع بنفسه مباشرةً ، أي أنّهم إذا لم يجتمعوا على ضلالة فلا محالة يكون إجماعهم على الحقّ والواقع ، إذ لا واسطة بين الحقّ والضلال . أمّا بناءً على الإنشاء فلا يكون كذلك ; لأنّ جعل الحجّية لشيء أعمّ من المطابقة للواقع كما لا يخفى . وكيف كان فالبحث حول هذه الروايات يقع في مقامين :