الناس ويهديهم ويصحّح انحرافهم بعنوان كونه إماماً ، أي بالعنوان الذي يكون مؤثّراً في الهداية والإرشاد . وهذا ما لا يتحقّق في ظرف الغيبة ، فإنّ الإرشاد والهداية من الإمام الغائب عجّل الله تعالى فرجه في حال اجتماع الأمّة على خلاف الحقّ ، إمّا أن يكون من خلال كونه إماماً ، أو كونه إنساناً مجهولاً لا محالة . وعلى الأوّل يكون خلف كونه في ظرف التستّر والغيبة ، وعلى الثاني فلا قيمة لهذا الإرشاد والتبليغ لأنّه لا يكون مؤثّراً أثره المطلوب منه . فإن قيل : إنّ الإمام يأتي إلى أحد الأكابر من علماء الظاهر أو الباطن ويعرّفه بشخصه ويقول له إنّ الإجماع الحاصل بين الأمّة خلاف الحقّ . كان الجواب : أنّ هذه الحالة تدخل في إطار النيابة الخاصّة عن الإمام عليه السلام ، والحال أنّ المطلوب هو الحلّ في إطار النيابة العامّة عند الفقهاء . هذا كلّه في ما يتعلّق بتطبيق قاعدة اللطف على مستوى فعل الإمام المعصوم . قاعدة اللطف على مستوى الفعل الإلهي ومحصّلها أنّ الأمّة إذا اجتمعت على خلاف الحقّ فإنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يلقي بينهم الخلاف قطعاً استناداً لقاعدة اللطف العقليّة ، وإلاّ للزم فوات المصالح على المكلّف أو وقوعه في المفاسد . ولمناقشة هذا التطبيق لا بدّ أن نبيّن أنّ المصالح والمفاسد بالنسبة إلى التكليف الإلهي تنقسم إلى نوعين : أحدهما : المصالح والمفاسد الثابتة للأشياء قبل التشريع ، ونعني بها