تمهيد لا يخفى أنّ بحث الإجماع يتضمّن أبعاداً متعدّدة ومختلفة في أبحاث المعرفة الدينيّة ، إذ يستفاد منه تارةً على مستوى الأبحاث العقائديّة والمسائل الكلاميّة خصوصاً عند أتباع مدرسة الخلفاء ، وأخرى يستفاد منه على مستوى المباحث الأصوليّة والفقهيّة على مختلف الاتّجاهات والمدارس الإسلاميّة . لكن بحث الإجماع لم يأخذ المساحة التحقيقيّة الكاملة في أبحاث أعلامنا الأصوليّين ، إذ لا بدّ أن تطرح مسألة الإجماع بمقدار الدور الكبير الذي تلعبه على مستوى المباحث العقائديّة والأصوليّة والفقهيّة . في هذا المجال لا بدّ من الالتفات إلى مسألتين قبل الدخول في بيان الأدلّة التي أقيمت على حجّية الإجماع ، وهما : المسألة الأولى : معرفة المراد من « الإجماع » وهل يعني إجماع الأمّة بمختلف مدارسها الفكريّة والفقهيّة والكلاميّة ، أو إجماع أهل الحلّ والعقد من الأمّة ، أو أنّه إجماع أهل العلم ؟ فإنّ عنوان أهل الحلّ والعقد إمّا أن يكون أعمّ من عنوان أهل العلم أو يكون بينهما عموم من وجه . ثمّ ما المراد من الإجماع ؛ هل يُراد منه الإجماع على طول الزمان ، أي من صدر الإسلام إلى يومنا الحاضر ، أو المراد هو الإجماع في مقطع زماني معيّن ؟