وللجواب عن هذا الوجه لا بدّ من التعرّض لبحث التحريف بالنحو المناسب للمقام . معنى تحريف القرآن تحريف القرآن له عدّة معان متصوّرة أنهاها السيّد الخوئي إلى ستّة ؛ إذ إنّ لفظ التحريف « يُطلق ويُراد منه عدّة معان على سبيل الاشتراك ، فبعض منها واقع في القرآن باتّفاق من المسلمين ، وبعض منها لم يقع فيه باتّفاق منهم أيضاً ، وبعض منها وقع الخلاف بينهم ، وتفصيل ذلك : 1 . نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره ، ومنه قوله تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه ) [1] . ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله فإنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته وحمَله على غير معناه فقد حرّفه ، وترى كثيراً من أهل البدع والمذاهب الفاسدة قد حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم . وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى ، وذمّ فاعله في عدّة من الروايات ؛ منها : رواية الكافي بإسناده عن الباقر عليه السلام أنّه كتب في رسالته إلى سعد الخير : وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية . . [2] . 1 . النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ القرآن
[1] النساء : 46 . [2] الكافي ، مصدر سابق : ج 8 ص 53 ، الحديث 16 .