في الفقه فضلاً عن المجالات الأخرى . الثانية : يمكن القول باستحالة الرادعية في المقام ، لأنّ ما يراد جعله رادعاً بنفسه ظهور وظنّ ، فيلزم من حجّيته لكي يكون رادعاً عدم حجّيته ، وكلّ ما يلزم من وجوده عدمه محال . وهذا البيان يحتاج في تتميمه إلى دعوى مصادرة وجدانية عهدتها على مدّعيها وهي القطع بعدم الفرق في فرض عدم الحجّية بين سائر الظهورات وشخص هذا الظهور الرادع وإلاّ فنثبت حجّية شخص هذا الظهور بالسيرة العقلائية ؛ إذ لا رادع عنه غيره بحسب الفرض ، وهو يستحيل أن يكون رادعاً عن نفسه ، فإذا كان حجّة فيردع به عن حجّية سائر الظهورات » [1] . أي أنّ القرينة العقليّة تكون بنفسها مانعة لشمول هذه الأدلّة لنفسها ، وبعبارة أخرى : الإطلاق القرآني في ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) [2] ينحلّ إلى إطلاقين : أحدهما شامل للظهورات الأخرى ، والآخر شامل لظهور الآية نفسها ، والاستحالة العقليّة تمنع من التمسّك بالإطلاق الثاني ، فيبقى الأوّل على حاله . المقارنة بين السيرة العقلائية والمتشرّعية من الواضح أنّ الفارق الأبرز بين السيرتين هو أنّ السيرة المتشرّعية ليست بحاجة إلى إثبات عدم ردع الشارع عنها ، بخلاف العقلائية كما تقدّم ، ولهذا تكون الأولى أقوى دلالة على الموقف الشرعي من الثانية .
[1] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 253 - 254 . [2] الإسراء : 36 .