تمهيد بعد الفراغ من مباحث القطع وما يتعلّق به من المسائل التي تقدّم الكلام عنها ، يقع البحث في مسألة الظنّ ومدى حجّيته من الناحية الأصولية ؛ وهو المعبّر عنه في كلمات الأصوليين ببحث الظنون الخاصّة أو الأمارات المعتبرة شرعاً . وقبل الدخول في صلب هذا البحث تجدر الإشارة إلى أُمور ثلاثة ، سنبحثها في ثلاثة فصول ، تكون بمثابة المقدّمات التي تبتني عليها تفاصيل البحث في الظنون الخاصّة من الناحية المنهجية ؛ هي : الأمر الأوّل : هل الظنّ حجّيته ذاتية كالقطع ؟ فقد ذهب مشهور الأصوليين في العصر الثالث من عصور علم الأصول ، أي من زمان الوحيد البهبهائي قدّس سرّه إلى أنّ الحجّية لازم ذاتيّ للقطع ، بمعنى أنّ العقل يدرك وجوب الطاعة واستحقاق العقاب عند المخالفة ، مع حصول البيان التامّ لأمر المولى ، وعليه ينبثق السؤال في المقام حول الحجّية الذاتية للظنّ وعدمها . الأمر الثاني : بناءً على عدم الحجّية الذاتية للظن ، هل يمكن جعل الحجّية له أصلاً ؟ إذ بعد ثبوت عدم ون الحجّية لازماً ذاتياً للظنّ يقع السؤال عن أمان جعل الحجّية له شرعاً ، وليس البحث في هذا الأمر عن وقوع