والجواب : إنّ هذا كلام فقيه سليم القلب جاهل بالأُصول وبحدّ النقيضين وبحقيقة الحكم ، ظانّ أنّ الحلّ والحرمة وصف للأعيان ، وليس يدري أنّ الحكم خطاب لا يتعلّق بالأعيان بل بأفعال المكلّفين ولا يتناقض أن يحلّ لزيد ما يحرم على عمرو ، كالمنكوحة تحلّ للزوج وتحرم على الأجنبي . . . وإنّما المتناقض أن يجتمع التحليل والتحريم في حالة واحدة لشخص واحد في فعل واحد من وجه واحد . . . ولا فرق بين أن يكون اختلاف الأحوال بالحيض والطهر والسفر والحضر والعلم والجهل أو غلبة الظنّ ، ولو سلّمنا أنّ الحلّ والحرمة وصفان للأعيان أيضاً لم يتناقض ، إذ يكون من الأوصاف الإضافية ولا يتناقض أن يكون الشخص الواحد أباً وابناً لكن لشخصين . . » [1] . وقد أطنب الغزالي في ردّ الشبهات المذكورة على القول بالتصويب حسب مختاره ، وكان من اللازم علمياً ومنهجياً التعرّض لما ذكره بشكل مفصّل من قبل الأعلام في هذه المسألة المهمّة . القول الثالث : نظرية المصلحة السلوكية للأنصاري وكيف كان فهناك قولان في معنى السببية ، وقد ظهر عدم تماميتهما ؛ للزوم التصويب الممتنع بكلا قسميه . وعليه فلكي نرفع التنافي بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري من خلال مبنى سببية الأحكام الظاهرية لا بدّ من اختيار معنى جديد للسببية غير المعنيين المذكورين ، لكي لا نقع في محذور خلوّ الواقع من الأحكام رأساً أو محذور تبدّل الواقع بتبدّل رأي المجتهد ، مضافاً إلى عدم الوقوع في محذور تفويت المصلحة