وقد أشكل على السببية بهذا المعنى بإشكالات : 1 - الخلط بين الحكم الشرعي والمبرز للحكم الشرعي ، فإنّ الخطاب مبرز للحكم وليس هو حكم الله . 2 - لزوم الدور ، إذ مع فرض عدم الحكم في الواقعة التي لا نصّ فيها ، فعن أي شيء يبحث المجتهد حينئذ ؟ فلو تحقّق الحكم بعد نظر المجتهد - والمفروض أنّه يبحث عنه فيكون مقدّماً عليه - للزم تقدّم المتأخّر وبالعكس . 3 - إنّه خلاف الإجماع على أنّ لكلّ واقعة حكماً مشتركاً بين العالم والجاهل على حدّ سواء . إلاّ إنّ ذلك متوقّف على البحث مفصّلاً عن تحقّق مثل هذا الإجماع وعدمه ، وهل هناك روايات يؤدّي مضمونها إلى إثبات مراد الإمامية في هذه المسألة ؟ ثمّ هل يكون الإجماع حجّة في أمثال هذه الأُصول والقواعد ؟ القول الثاني : ما نسب إلى المعتزلة وهو أنّ السببية لا يراد منها خلوّ الواقع عن الأحكام ، بل إنّ لله تعالى في كلّ واقعة حكماً سواء وجد نصّ عليه أو لا ، لكن هذا الواقع يتبدّل إلى ما أدّى إليه نظر المجتهد في حال مخالفته له . وأُطلق على هذا المعنى « التصويب المعتزلي » . ونسبه في « المستصفى » إلى الشافعي حيث قال : « أمّا المصوّبة فقد اختلفوا فيه فذهب بعضهم إلى إثباته ، وإليه تشير نصوص الشافعي رحمه الله