نام کتاب : الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 370
وعمد إلى أحسن ما عنده ، وهو هابيل ) . وقال بعد قوله * ( ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ) * ما لفظه : ( لأنه سخط أمر اللَّه ، ولم يخلص النية في قربانه ، وقصد إلى أخسّ ما عنده ، وهو قابيل ) [1] انتهى . وبذلك يتضح لك أن الجواب المذكور عار عن وصمة القصور . وحينئذ ، فيحتمل - واللَّه سبحانه أعلم - أن المراد بقوله * ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ ) * يعني المخلصين في ذلك العمل ، القاصدين به وجهه سبحانه . وعلى هذا فلا دلالة في الآية على ما ادّعاه قدّس سرّه ؛ إذ العمل متى كان غير خالص لوجهه تعالى فهو غير مجز ولا صحيح ، فضلا عن أن يكون مقبولا كما سيتضح لك في آخر هذه المقالة بأوضح دلالة . ولو أريد بالمتقين في الآية : هو من لم يكن فاسقا مطلقا للزم منه بطلان عبادة الفاسق وإن اشتملت على شرائط الصحة والقبول ما عدا التقوى . وحينئذ ، فلا تقبل إلَّا عبادة المعصوم أو من قرب من درجته ، وهم أقل قليل ؛ إذ قلَّما ينفك من عداهم عن الذنوب . قال شيخنا أبو علي الطبرسي قدّس سرّه في تفسيره ( مجمع البيان ) بعد ذكر الآية المذكورة : ( واستدل بهذا على أن طاعة الفاسق غير متقبلة ، لكنها تسقط عقاب تركها . وهذا لا يصحّ ؛ لأن المعنى أن الثواب إنما يستحقه من يوقع الطاعة لكونها طاعة ، فإذا فعلها لغير ذلك لا يستحق عليها ثوابا ، ولا يمتنع على هذا أن يقع من الفاسق طاعة يوقعها على الوجه الذي يستحق عليها الثواب فيستحقه ) [2] انتهى . وهو صريح فيما قلناه ، ومؤيّد لما ادّعيناه . هذا ، والذي ما زال يختلج بالخاطر الفاتر ، ويدور في الفكر القاصر - وإن لم يسبق إليه سابق في المقام ، ولم يسنح لأحد من علمائنا الأعلام - هو أن الخلاف