بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد : لا شك في أن كل متشرع يعلم علما إجماليا بأن لله تعالى أحكاما الزامية من نحو الوجوب والحرمة يجب على المكلفين امتثالها يشترك فيها العالم والجاهل بها . وهذا " العلم الإجمالي " منجز لتلك التكاليف الإلزامية الواقعية ، فيجب على المكلف - بمقتضى حكم العقل بوجوب تفريغ الذمة مما علم اشتغالها به من تلك التكاليف - أن يسعى إلى تحصيل المعرفة بها بالطرق المؤمنة له التي يعلم بفراغ ذمته باتباعها . ومن أجل هذا نذهب إلى القول بوجوب المعرفة وبوجوب الفحص من الأدلة والحجج المثبتة لتلك الأحكام حتى يستفرغ المكلف وسعه في البحث ويستنفذ مجهوده الممكن له ( 1 ) .
لو فرض أن مكلفا لا يسعه فحص أدلة الأحكام لسبب ما - ولو من جهة لزوم العسر والحرج - فإنه يجوز له أن يقلد من يطمئن إليه من المجتهدين الذي تم له فحص الأدلة وتحصيل الحجة ، وذلك بمقتضى أدلة جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم . كما يجوز له أن يعمل بالاحتياط في جميع الموارد المحتملة للتكليف والتي يمكن فيها الاحتياط على النحو الذي يأتي بيانه في موقعه . ومن هنا قسموا المكلف إلى : مجتهد ، ومقلد ، ومحتاط . ونحن غرضنا من هذا المقصد إنما هو البحث عن وظيفة المجتهد فقط ، وهو المناسب لعلم الأصول .