ولكننا لم تتحقق صحة هذه الدعوى ، لأن صحة التكليف بطبيعة الفعل لا تتوقف على أكثر من القدرة على صرف وجود الطبيعة ولو بالقدرة على فرد من أفرادها ، فالعقل هو الذي يحكم بلزوم القدرة في متعلق التكليف ، وذلك لا يقتضي القدرة على كل فرد من أفراد الطبيعة إلا إذا قلنا بأن التكليف يتعلق بالأفراد أولا وبالذات . وقد تقدم توضيح فساد هذا الوهم . تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون : بعد ما تقدم من البيان من أن التكليف إنما يتعلق بالعنوان بما هو مرآة عن أفراده لا بنفس الأفراد ، فإن القول بالجواز لا يتوقف على القول بأن تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون - كما أشرنا إليه فيما سبق - لأ أنه سواء كان المعنون متعددا بتعدد العنوان أو غير متعدد ، فإن ذلك لا يرتبط بمسألتنا نفيا وإثباتا ما دام أن المعنون ليس متعلقا للتكليف أبدا . وعلى كل حال ، فالحق هو الجواز تعدد المعنون أو لم يتعدد . ولو سلمنا جدلا بأن التكليف يتعلق بالمعنون باعتبار سراية التكليف من العنوان إلى المعنون - كما هو المعروف - فإن الحق أنه لا يجب تعدد المعنون بتعدد العنوان ، فقد يتعدد وقد لا يتعدد . فليس هناك قاعدة عامة تقضي بأن نحكم بأن تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون ، كما تكلف بتنقيحها بعض أعاظم مشايخنا ( 1 ) - قدس الله نفسه الزكية - وكأن نظره الشريف يرمي إلى أن العامين من وجه يمتنع صدقهما على شئ واحد من جهة واحدة وإلا لما كانا عامين من وجه ، فلابد أن يفرض هناك جهتان موجودتان في المجمع : إحداهما هو الواجب ، وثانيتهما هو المحرم ، فيكون التركيب بين الحيثيتين تركيبا