الأحكام ، لأ أنه ليس للشارع هذه الانفعالات ، بل يستحيل وجودها فيه ، لأ نهى من صفات الممكن . وإنما نحن نقول بملازمة حكم الشارع لحكم العقل بالحسن والقبح في الآراء المحمودة والتأديبات الصلاحية - على ما سيأتي - فباعتبار أن الشارع من العقلاء بل رئيسهم ، بل خالق العقل ، فلابد أن يحكم بحكمهم بما هم عقلاء ولكن لا يجب أن يحكم بحكمهم بما هم عاطفيون . ولا نقول : إن الشارع يتابع الناس في أحكامهم متابعة مطلقة . الخامس : ومن الأسباب " العادة عند الناس " كاعتيادهم احترام القادم - مثلا - بالقيام له ، واحترام الضيف بالطعام ، فيحكمون لأجل ذلك بحسن القيام للقادم وإطعام الضيف . والعادات العامة كثيرة ومتنوعة ، فقد تكون العادة تختص بأهل بلد أو قطر أو أمة ، وقد تعم جميع الناس في جميع العصور أو في عصر ، فتختلف لأجل ذلك القضايا التي يحكم بها بحسب العادة ، فتكون مشهورة عند القوم الذين لهم تلك العادة دون غيرهم . وكما يمدح الناس المحافظين على العادات العامة يذمون المستهينين بها ، سواء كانت العادة حسنة من ناحية عقلية أو عاطفية أو شرعية ، أو سيئة قبيحة من إحدى هذه النواحي ، فتراهم يذمون من يرسل لحيته إذا اعتادوا حلقها ويذمون الحليق إذا اعتادوا إرسالها وتراهم يذمون من يلبس غير المألوف عندهم لمجرد أنهم لم يعتادوا لبسه ، بل ربما يسخرون به أو يعدونه مارقا . وهذا الحسن والقبح أيضا ليسا عقليين ، بل ينبغي أن يسميا " عاديين " لأن منشأهما العادة . وتسمى القضايا فيهما في عرف المناطقة " العاديات " . ولذا لا يدخل أيضا هذا الحسن والقبح في محل النزاع . ولا نقول نحن أيضا بلزوم متابعة الشارع للناس في أحكامهم هذه ، لأ نهم لم يحكموا فيها بما هم عقلاء بل بما هم معتادون ، أي بدافع العادة .