من هذه الجهة . ومثله التدخين أو ما تعتاده النفس من المسكرات والمخدرات ، فإن هذه حسنة بمعنى الملائمة فقط ، وليست كمالا للنفس ولا مما ينبغي فعلها عند العقلاء بما هم عقلاء . 2 - واقعية الحسن والقبح في معانيه ورأي الأشاعرة : إن الحسن بالمعنى الأول أي الكمال - وكذا مقابله أي القبح - أمر واقعي خارجي لا يختلف باختلاف الأنظار والأذواق ، ولا يتوقف على وجود من يدركه ويعقله . بخلاف الحسن بالمعنيين الأخيرين . وهذا ما يحتاج إلى التوضيح والتفصيل ، فنقول : 1 - أما الحسن بمعنى " الملائمة " - وكذا ما يقابله - فليس له في نفسه بإزاء في الخارج يحاذيه ويحكي عنه ، وإن كان منشؤه قد يكون أمرا خارجيا ، كاللون والرائحة والطعم وتناسق الأجزاء ، ونحو ذلك . بل حسن الشئ يتوقف على وجود الذوق العام أو الخاص ، فإن الإنسان هو الذي يتذوق المنظور أو المسموع أو المذوق بسبب ما عنده من ذوق يجعل هذا الشئ ملائما لنفسه ، فيكون حسنا عنده ، أو غير ملائم فيكون قبيحا عنده . فإذا اختلفت الأذواق في الشئ كان حسنا عند قوم قبيحا عند آخرين . وإذا اتفقوا في ذوق عام كان ذلك الشئ حسنا عندهم جميعا ، أو قبيحا كذلك . والحاصل : أن الحسن بمعنى الملائم ليس صفة واقعية للأشياء كالكمال ، وليس واقعية هذه الصفة إلا إدراك الإنسان وذوقه ، فلو لم يوجد إنسان يتذوق ولا من يشبهه في ذوقه لم تكن للأشياء في حد أنفسها حسن بمعنى الملائمة . وهذا مثل ما يعتقده الرأي الحديث في الألوان ، إذ يقال : إنها لا واقع لها بل هي تحصل من انعكاسات أطياف الضوء على الأجسام ، ففي الظلام