كلا التصويرين أن يكون الموضوع له موجودا ذهنيا ، فتكون جميع القضايا ذهنية ، فلو جعل اللفظ بما له من معناه موضوعا في القضية الخارجية أو الحقيقية وجب تجريده عن هذا القيد الذهني ، فيكون مجازا دائما في القضايا المتعارفة . وهذا يكذبه الواقع . ولكن نحن قلنا : إن هذا الإيراد إنما يتوجه إذا جعل الاعتبار قيدا في الموضوع له . أما لو جعل الاعتبار مصححا للوضع فلا يلزم هذا الإيراد كما سبق . هذا قول القدماء ، وأما المتأخرون ابتداءا من سلطان العلماء ( رحمه الله ) فإنهم جميعا اتفقوا على أن الموضوع له ذات المعنى - لا المعنى المطلق - حتى لا يكون استعمال اللفظ في المقيد مجازا . وهذا القول بهذا المقدار من البيان واضح . ولكن العلماء من أساتذتنا اختلفوا في تأدية هذا المعنى بالعبارات الفنية مما أوجب الارتباك على الباحث وإغلاق طريق البحث في المسألة . لذلك التجأنا إلى تقديم المقدمتين السابقتين لتوضيح هذه الاصطلاحات والتعبيرات الفنية التي وقعت في عباراتهم . واختلفوا فيها على أقوال : 1 - منهم من قال : إن الموضوع له هو الماهية المهملة المبهمة ، أي الماهية من حيث هي ( 1 ) . 2 - ومنه من قال : إن الموضوع له الماهية المعتبرة باللابشرط المقسمي ( 2 ) .
( 1 ) لم نظفر به في كلام من تقدم على المؤلف ( قدس سره ) ، لكن قال به السيد الخوئي ( قدس سره ) على ما في المحاضرات : ج 5 ص 345 . ( 2 ) قاله سلطان العلماء على ما نسب إليه صريحا في فوائد الأصول : ج 2 ص 572 ، لكنا لم نجد التصريح به في حاشيته ، راجع ص 48 ذيل قول صاحب المعالم : " فلأنه جمع بين الدليلين . . . " .