ذهنية ، لا موطن لها إلا الذهن ، فلو تقيدت الماهية بأحدها عندما تؤخذ موضوعا للحكم ، للزم أن تكون جميع القضايا ذهنية عدا حمل الذاتيات التي قد اعتبرت فيها الماهية من حيث هي ، ولبطلت القضايا الخارجية والحقيقية ، مع أنها عمدة القضايا ، بل لاستحال في التكاليف الامتثال ، لأن ما هو موطنه الذهن يمتنع إيجاده في الخارج . وهذا الإشكال وجيه لو كان الحكم على الموضوع بما هو معتبر بأحد الاعتبارات الثلاثة على وجه يكون الاعتبار قيدا في الموضوع أو نفسه هو الموضوع . ولكن ليس الأمر كذلك ، فإن الموضوع في كل تلك القضايا هو ذات الماهية المعتبرة ولكن لا بقيد الاعتبار ، بمعنى أن الموضوع في " بشرط شئ " الماهية المقترنة بذلك الشئ ، لا المقترنة بلحاظه واعتباره ، وفي " بشرط لا " الماهية المقترنة بعدمه لا بلحاظ عدمه ، وفي " لا بشرط " الماهية غير الملاحظ معها الشئ ولا عدمه ، لا الملاحظة بعدم لحاظ الشئ وعدمه ، وإلا لكانت الماهية معتبرة في الجميع بشرط شئ فقط ، أي بشرط اللحاظ والاعتبار . نعم ، هذه الاعتبارات هي المصححة لموضوعية الموضوع على الوجه اللازم الذي يقتضيه واقع الحكم ، لا أنها مأخوذة قيدا فيه حتى تكون جميع القضايا ذهنية . ولو كان الأمر كذلك لكان الحكم بالذاتيات أيضا قضية ذهنية ، لأن اعتبار الماهية من حيث هي أيضا اعتبار ذهني . ومما يقرب ما قلناه : من كون الاعتبار مصححا لموضوعية الموضوع لا مأخوذا فيه مع أنه لابد منه عند الحكم بشئ ، أن كل موضوع ومحمول لابد من تصوره في مقام الحمل والا لاستحال الحمل ، ولكن هذه اللابدية لا تجعل التصور قيدا للموضوع أو المحمول ، وإنما التصور هو المصحح للحمل وبدونه لا يمكن الحمل .