الأساطير ، فعل مثلهم النصارى في الكوفة ، فنشروا أفكار الغلو ، ودعموها بالأحاديث المصنوعة . وقد وقف منهم أئمة أهل البيت ( ع ) موقف الطرد لهم والشجب لأفكارهم ، ورفضها رفضا باتا ، وتحريم الاعتقاد بها تحريما قاطعا . ووقفوا من حديثهم موقف الرفض له ، والتحذير من روايته ، ومنعها منعا باتا . يقول القاضي النعمان في كتابه ( دعائم الاسلام 1 / 48 - 50 ) : ( فأما ذكر من ضل وهلك من أهل هذا الأمر ( يعني الغلو ) فكثير ، يطول ويخرج عن حد هذا الكتاب ، ولكن لا بد من ذكر نكت من ذلك . فمن ذلك : ما روينا عن علي بن أبي طالب ( ع ) أن قوما من أصحابه ، وممن كان قد بايعه وتولاه ودان بإمامته ، مرقوا عنه ، ونكثوا عليه ، وقسطوا فيه ، فقاتلهم أجمعين ، فهزم الناكثين ، وقتل المارقين ، وجاهد القاسطين ، وقتلهم ، وتبرأوا منه ، وبرئ منهم . وإن قوما غلوا فيه لما استدعاهم الشيطان بدواعيه ، فقالوا : هو النبي ، وإنما غلط جبرئيل فيه ، وإليه كان أرسل فأتى محمدا ( ص ) . فيا لها من عقول ناقصة ، وأنفس خاسرة ، وآراء واهية ، ولو أن أحدهم بعث رسولا بصاع من تمر إلى رجل ، فأعطاه غيره ، لما استجاز فعله ، ولعوض المرسل إليه مكانه ، أو استرده إليه ممن قبضه ، فكيف يظنون مثل هذا الظن الفاسد برب العالمين ، وبجبرئيل الروح الأمين ، وهو ينزل أيام حياة رسول الله ( ص ) بالوحي إليه ، وبالقرآن الذي أنزل عليه ، ثم يقولون هذا القول العظيم ، ويفترون مثل هذا الافتراء المبين ، بما سول لهم الشيطان ، وزين لهم من البهتان والعدوان . وزعم آخرون منهم أن عليا ( ع ) في السحاب ، رقاعة منهم ، وكذبا لا يخفى عن ذوي الألباب . وأتاه ( ع ) قوم غلو فيه ممن قدمنا وصفهم واستزلال الشيطان إياهم ، فقالوا : أنت إلهنا وخالقنا ورازقنا ، ومنك مبدؤنا ، وإليك معادنا ، فتغير وجهه ( ع ) ، وارفض عرقا ، وارتعد كالسعفة ، تعظيما لجلال الله - عز جلاله - ، وخوفا منه ، وثار مغضبا ،