ومنه يمكن إخراج معنى المادة الذي أكسبه إياها الاسلام ، فقد نقل أنه لم يسمع قط في كلام الجاهلية في شعر ولا كلام ( نثر ) ، فاسق . وجاء الشرع بأن الفسق الافحاش في الخروج عن طاعة الله . وعدت الكلمة من الألفاظ الاسلامية التي نقلت عن موضعها إلى موضع آخر ، بزيادات زيدت وشرائع شرعت وشرائط شرطت ، وهو مثل من التطور اللغوي لدلالة الكلمات . وبهذا المعنى الاسلامي للفسق استعمل في القرآن مقابلا للإيمان ، كفرا ( وما يكفر بها إلا الفاسقون ( ، ونفاقا ، ( إن المنافقين هم الفاسقون ( ، وضلالا ( فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ( ، وعلى أنواع من العصيان ، وبهذا كان الفسق أعم من الكفر ) . وهذا يعني أن الكلمة لم تستقر في الاستعمال القرآني على المعنى الشرعي المقابل لمعنى العدالة الذي استفيد من أمثال صحيح عبد الله بن أبي يعفور : ( قلت لأبي عبد الله ( ع ) : بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم ؟ فقال ( ع ) : أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان . ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك . والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ) [1] . وإنما استقر لفظ ( الفاسق ) مصطلحا خاصا يعني ما يقابل العادل بعد صدور أمثال صحيحة ابن أبي يعفور ، واستفادة الفقهاء منها ما حددوه من معنى العدالة . فلا نستطيع - على هذا - أن نحمل لفظ ( الفاسق ) في الآية الكريمة على المعنى المقابل للعادل .