ثم إنه لما عرض لتلك الأخبار الاقتطاع والتحويل إلى كتاب آخر تطرق هذا اللبس . ومنشأه غفلة المقتطع لها ، وإلا فقد كان المناسب رعاية حال المتأخرين لأنهم لا عهد لهم بما في الأصول . واستعمال ذلك الاجمال إنما ساغ لقرب البيان ، وقد صار بعد الاقتطاع في أقصى غاية البعد ، ولكن عند الممارسة والتأمل يظهر أنه لا يليق بمن له أدنى مسكة أن يحدث بحديث في حكم شرعي ويسنده إلى شخص مجهول بضمير ظاهر في الإشارة إلى معلوم ، فكيف بأجلاء أصحاب الأئمة ( ع ) كمحمد بن مسلم وزرارة وغيرهما . ولقد تكثر في كلام المتأخرين رد الأخبار بمثل هذه الوجوه التي لا يقبلها ذو سليقة مستقيمة . هذا وقد كان الأول للعلامة ( قده ) في الجواب عن الاحتجاج بهذا الحديث بعد حكمه بصحة حديث ابن أبي يعفور ، ورجوع كلامه في جوابه ، إلى أن حديث ابن أبي يعفور أرجح في الاعتبار من خبر ابن مسلم ، أن يجعل في وجه الرجحان كون ذلك من الصحيح وهذا من الحسن . انتهى ) . 3 - القول بعدم الحجية مطلقا ( أي سواء كان الراوي المضمر من وجوه الرواة وفقهائهم كزرارة أو من غيرهم من الثقات ، لاحتمال عود الضمير فيها إلى غير المعصوم ( ع ) ، وهو يكفي في عدم الحجية . نسب الشيخ حسن بن الشهيد الثاني هذا القول إلى جمع من الأصحاب . واختاره الشهيدان حيث خدش الأول منهما في مضمر محمد بن مسلم : ( سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا ؟ قال : يعيد الصلاة ) بأنه مجهول المسؤول ، وعقبه الثاني بقوله : ( فيحتمل كونه غير امام ) . كما اختاره الشيخ محمد حسن في ( جواهره ) حيث خدش في صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع : ( سأله رجل عن رجل مات وترك أخوين . . . الخ ) بأنه مضمر في ( الكافي ) و ( التهذيب ) فلا يصلح للمعارضة ) .