" وأما الرواية في أبي حنيفة وأحمد بن حنبل فموضوعة باطلة لا أصل لها ، أما حديث " هو سراج أمتي " فأورده ابن الجوزي في الموضوعات ، وذكر أن مذهب الشافعي لما اشتهر أراد الحنفية إخماله ، فتحدثوا مع مأمون بن أحمد السلمي وأحمد بن عبد الله الخوشاري وكانا كذابين وضاعين ، فوضعا هذا الحديث في مدح أبي حنيفة وذم الشافعي ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره " . " وأما الرواية في أحمد بن حنبل فموضوعة قطعا لأنا قدمنا أن أحمد كان أحفظ الناس للسنة وأشدهم بها إحاطة حتى ثبت أنه كان يذاكر تأليف ألف حديث وأنه قال : خرجت مسندي من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث ، وجعلته حجة بيني وبين الله عز وجل ، فما لم تجدوه فيه فليس بشئ " . " ثم إن هذا الحديث الذي أورده الشيرازي في مناقب أحمد ليس في مسنده ، فلو كان صحيحا لكان هو أولى الناس بإخراجه والاحتجاج به في محنته التي ضيق الأرض ذكرها " . فانظر بالله أمرا يحمل الأتباع على وضع الأحاديث في تفضيل أئمتهم وذم بعضهم ، وما مبعثه إلا تنافس المذاهب في تفضيل الظواهر ونحوها على رعاية المصالح الواضح بيانها الساطع برهانها ، فلو اتفقت كلمتهم بطريق ما لما كان شئ مما ذكرنا عنهم " . " واعلم أن من أسباب الخلاف الواقع بين العلماء تعارض الروايات والنصوص ، وبعض الناس يزعم أن السبب في ذلك عمر بن الخطاب ، وذلك أن أصحابه استأذنوه في تدوين السنة في ذلك الزمان فمنعهم من ذلك وقال : ( لا أكتب من القرآن غيره ) مع علمه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " اكتبوا لأبي شاه خطبة الوداع " وقال : " قيدوا العلم بالكتابة " قالوا : فلو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، لانضبطت السنة ، ولم يبق بين أحد من الأمة وبين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، في كل حديث إلا الصحابي الذي دون روايته ،