وأما المرحلة الثانية : فقد وردت في المسألة مجموعة من الروايات . منها : صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله ( ع ) قال : ( الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صالحوا ، أو قوم أعطوا بأيديهم وكل أرض خربة ، وبطون الأودية ) الحديث [1] . ومنها : مرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح ( ع ) في حديث إلى أن قال : ( والأنفال كل أرض خربة باد أهلها ، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال ) الحديث [2] . ومنها : معتبرة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( ع ) أنه سمعه يقول : ( إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم ، أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة ، وبطون أودية ) الحديث [3] . ثم إن المستفاد من معتبرة محمد بن مسلم ، وكذا من مرسلة حماد بن عيسى أن عقد الصلح فيهما كان مقتضيا لإعطاء الأرض وتسليمها ، وقد عرفت أن ما تم عليه عقد الصلح بشأن الأرض قد يكون مقتضاه تسليم الأرض لولي الأمر وإعطائها له على أساس أنها بمقتضى هذا العقد تصبح ملكا للدولة . ولكن مع ذلك لولي الأمر إبقاء الأرض في أيديهم وتحت تصرفهم مقابل أخذ الخراج والطسق منهم . وعلى الجملة فالكفار قد يسلمون الأرض إلى ولي الأمة تسليما ابتدائيا وبدون شرط مسبق ، وقد يسلمون الأرض من جهة شرط مسبق كعقد الصلح . وأما صحيحة حفص بن البختري فقد جعلت عنوان الصلح في مقابل عنوان الإعطاء ، ولكن من الطبيعي أن جعل الأرض التي تم بشأنها الصلح
[1] ، [2] الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام الحديث 1 ، 4 . [3] الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام الحديث 10 .