نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 54
برواية واحدة وحكي ذلك عن النسائي أيضا قال أبو الوليد الباجي ذهب جمهور أصحاب الحديث إلى أن الراوي إذا روى عنه اثنان فصاعدا انتفت عنه الجهالة وهذا ليس بصحيح عند المحققين من أصحاب الأصول لأنه قد يروي الجماعة عن الواحد لا يعرفون حاله ولا يخبرون شيئا من أمره ويحدثون بما رووا عنه على الجهالة إذ لم يعرفوا عدالته ( انتهى ) وفيه نظر لأنهم أنما يقولون بارتفاع جهالة العين برواية الاثنين فصاعدا عنه لا بارتفاع جهالة الحال كما سبق والحق أنها لا تقبل رواية مجهول العين ولا مجهول الحال لأن حصول الظن بالمروي لا يكون الا إذا كان الراوي عدلا وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على المنع من العمل بالظن كقوله سبحانه « إن الظن لا يغني من الحق شيئا » وقوله « ولا تقف ما ليس لك به علم » وقام الاجماع على قبول رواية العدل فكان كالمخصص لذلك العموم فبقي من ليس بعدل داخلا تحت العمومات وأيضا قد تقرر عدم قبول رواية الفاسق ومجهول العين أو الحال يحتمل ان يكون فاسقا وأن يكون غير فاسق فلا تقبل روايته مع هذا الاحتمال لأن عدم الفسق شرط في جواز الرواية عنه فلا بد من العلم بوجود هذا الشرط وأيضا وجود الفسق مانع من قبول روايته فلا بد من العلم بانتفاء هذا المانع واما استدلال من قال بالقبول بما يرونه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم نحن نحكم بالظاهر فقال الذهبي والمزي وغيرهما من الحفاظ لا أصل له وانما هو من كلام بعض السلف ولو سلمنا ان له أصلا لم يصلح للاستدلال به على محل النزاع لأن صدق المجهول غير ظاهر بل صدقه وكذبه مستويان وإذا عرفت هذا فلا يصدهم ما استشهدوا به لهذا الحديث الذي لم يصح بمثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم انما اقضي بنحو ما اسمع وهو في الصحيح وبما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمه العباس يوم بدر لما اعتذر بأنه أكره على الخروج فقال كان ظاهرك علينا وبما في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه انما نؤاخذكم بما ظهر لنا من أعمالكم الشرط الرابع الضبط فلا بد ان يكون الراوي ضابطا لما يرويه ليكون المروي له على ثقة منه في حفظه وقلة غلطه وسهوه فإن كان كثير الغلط والسهو ردت روايته الا فيما علم أنه لم يغلط فيه ولا سها عنه وان كان قليل الغلط قبل خبره الا فيما يعلم أنه غلط فيه كذا قال ابن السمعاني وغيره قال أبو بكر الصيرفي من أخطأ في حديث فليس بدليل على الخطأ في غيره ولم يسقط لذلك حديثه ومن كثر بذلك خطؤه وغلطه لم يقبل خبره لأن المدار على حفظ الحكاية قال الترمذي في العلل كل من مكان متهما في الحديث بالكذب أو كان مغفلا يخطئ الكثير فالذي اختاره أكثر أهل الحديث من الأئمة ان لا يشتغل بالرواية عنه ( انتهى ) والحاصل ان الأحوال ثلاثة ان غلب خطؤه وسهوه على حفظه فمردود إلا فيما علم أنه لم يخطئ فيه وإن غلب حفظه على خطئه وسهوه فمقبول الا فيما علم أنه أخطأ فيه وان استويا فالخلاف قال القاضي عبد الجبار يقبل لأن جهة التصديق راجحة في خبره لعقله ودينه وقال الشيخ أبو إسحاق انه يرد وقيل إنه يقبل خبره إذا كان مفسرا وهو ان يذكر من روى عنه ويعين وقت السماع منه وما أشبه ذلك والا فلا يقبل وبه قال القاضي حسين وحكاه الجويني عن الشافعي في الشهادة ففي الرواية أولى وقد أطلق جماعة من المصنفين في علوم الحديث ان الراوي ان كان تام الضبط مع بقية الشروط المعتبرة فحديثه من قسم الصحيح وان خف ضبطه فحديثه من قسم الحسن وان كثر غلطه فحديثه من قسم الضعيف ولا بد من تقييد هذا بما إذا لم يعلم بأنه لم يخطئ فيما رواه قال الكيا الطبري ولا يشترط انتفاء الغفلة ولا يوجب لحوق الغفلة له رد حديثه إلا أن يعلم أنه قد لحقته الغفلة فيه بعينه وما ذكره صحيح إذا كان ممن تعتريه الغفلة في غير ما يرويه كما وقع ذلك لجماعة من الحفاظ فإنهم قد تلحقهم الغفلة في كثير من أمور الدنيا فإذا رووا كانوا من
54
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 54