نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 244
لم يأمر الله به وهذا أمر عظيم وتقول بالغ فان الحكم لفرد أو افراد من عباد الله بأن قوله أو أقوالهم حجة على المسلمين يجب عليهم العمل بها وتصير شرعا ثابتا متقررا تعم به البلوى مما لا يدان الله عز وجل به ولا يحل لمسلم الركون إليه ولا العمل عليه فإن هذا المقام لم يكن الا لرسل الله الذين أرسلهم بالشرائع إلى عباده لا لغيرهم وان بلغ في العلم والدين وعظم المنزلة أي مبلغ ولا شك ان مقام الصحبة مقام عظيم ولكن ذلك في الفضيلة وارتفاع الدرجة وعظمة الشأن وهذا مسلم لا شك فيه ولهذا مد أحدهم لا يبلغه من غيرهم الصدقة بأمثال الجبال ولا تلازم بين هذا وبين جعل كل واحد منهم بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة قوله والزام الناس باتباعه فإن ذلك مما لم يأذن الله به ولا ثبت عنه فيه حرف واحد واما ما تمسك به بعض القائلين بحجية قول الصحابي مما روى عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فهذا مما لم يثبت قط والكلام فيه معروف عند أهل هذا الشأن بحيث لا يصح العمل بمثله في أدنى حكم من أحكام الشرع فكيف مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجليل على أنه لو ثبت من وجه صحيح لكان معناه ان مزيد عملهم بهذه الشريعة المطهرة الثابت من الكتاب والسنة وحرصهم على اتباعها ومشيهم على طريقتها يقتضي ان اقتداء الغير بهم في العمل بها واتباعها هداية كاملة لأنه لو قيل لأحدهم لم قلت كذا لم فعلت كذا لم يعجز من ابراز الحجة من الكتاب والسنة ولم يتلعثم في بيان ذلك وعلى مثل هذا الحمل يحمل ما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وما صح عنه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين فاعرف هذا واحرص عليه فان الله لم يجعل إليك والى سائر هذه الأمة رسولا الا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولم يأمرك باتباع غيره ولا شرع لك على لسان سواه من أمته حرفا واحدا ولا جعل شيئا من الحجة عليك في قول غيره كائنا من كان الفائدة الثانية الأخذ بأقل ما قيل فإنه أثبته الشافعي والقاضي أبو بكر الباقلاني قال القاضي عبد الوهاب وحكى بعض الأصوليين اجماع أهل النظر عليه قال ابن السمعاني وحقيقته ان يختلف المختلفون في أمر على أقاويل فيأخذ بأقلها إذا لم يدل على الزيادة دليل قال القفال الشاشي هو أن يرد الفعل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبينا لمجمل ويحتاج إلى تحديده فيصار إلى أقل ما يوجد كما قال الشافعي في أقل الجزية انه دينار وقال ابن القطان هو ان يختلف الصحابة في تقدير فيذهب بعضهم إلى مائة مثلا وبعضهم إلى خمسين فإن كان ثم دلالة تعضد أحد القولين صير إليها وان لم يكن دلالة فقد اختلف فيه أصحابنا فمنهم من قال يأخذ بأقل ما قيل ويقول إن هذا مذهب الشافعي لأنه قال إن دية اليهود الثلث وحكي اختلاف الصحابة فيه وان بعضهم قال بالمساواة وبعضهم قال بالثلث فكان هذا أقلها وقسم ابن السمعاني المسألة إلى قسمين أحدهما ان يكون ذلك فيما أصله البراءة فإن كان الاختلاف في وجوب الحق وسقوطه كان سقوطه أولى لموافقة براءة الذمة ما لم يقم دليل الوجوب وان كان الاختلاف في قدرة بعد الاتفاق على وجوبه كدية الذمي إذا وجبت على قاتله فهل يكون الأخذ بأقله دليلا اختلف أصحاب الشافعي فيه القسم الثاني ان يكون مما هو ثابت في الذمة كالجمعة الثابت فرضها مع اختلاف العلماء في عدد انعقادها فلا يكون الأخذ بالأقل دليلا لارتهان الذمة بها فلا تبرأ الذمة بالشك وهل يكون الأخذ بالأكثر دليلا فيه وجهان أحدهما أنه يكون دليلا ولا ينتقل عنه الا بدليل لان الذمة تبرأ
244
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 244