نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 240
المسألة الثانية اختلفوا هل كان متعبدا بعد البعثة بشرع من قبله أم لا على أقوال الأول انه لم يكن متعبدا باتباعها بل كان منهيا عنها واليه ذهب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في آخر قوليه واختاره الغزالي في آخر عمره قال ابن السمعاني انه المذهب الصحيح وكذا قال الخوارزمي في الكافي واستدلوا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن لم يرشده الا إلى العمل بالكتاب والسنة ثم اجتهاد الرأي وصحح هذا القول ابن حزم واستدلوا أيضا بقوله تعالى « لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » وبالغت المعتزلة فقالت باستحالة ذلك عقلا وقال غيرهم العقل لا يحيله ولكنه ممتنع شرعا واختاره الفخر الرازي والآمدي القول الثاني انه كان متعبدا بشرع من قبله الا ما نسخ منه نقله ابن السمعاني عن أكثر الشافعية وأكثر الحنفية وطائفة من المتكلمين قال ابن القشيري هو الذي صار إليه الفقهاء واختاره الرازي وقال إنه قول أصحابهم وحكاه الأستاذ أبو منصور عن محمد بن الحسن واختاره الشيخ أبو إسحاق واختاره ابن الحاجب قال ابن السمعاني وقد أومأ إليه الشافعي في بعض كتبه قال القرطبي وذهب إليه معظم أصحابنا يعني المالكية قال القاضي عبد الوهاب انه الذي تقتضيه أصول مالك واستدلوا بقوله سبحانه « وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس » الآية فان ذلك مما استدل به في شرعنا على وجوب القصاص ولو لم يكن متعبدا بشرع من قبله لما صح الاستدلال بكون القصاص واجبا في شرع بني إسرائيل على كونه واجبا في شرعه واستدلوا أيضا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لما قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها قرأ قوله تعالى « وأقم الصلاة لذكري » وهي مقولة لموسى فلوا لم يكن متعبدا بشرع من قبله لما كان لتلاوة الآية عند ذلك فائدة واستدلوا بما ثبت عن ابن عباس انه سجد في سورة ص وقرأ قوله تعالى « أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده » فاستنبط التشريع من هذه الآية واستدلوا أيضا بما ثبت في الصحيح انه كان صلى الله عليه وآله وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه ولولا ذلك لم يكن لمحبته للموافقة فائدة ولا أوضح ولا أصرح في الدلالة على هذا المذهب من قوله تعالى « فبهداهم اقتده » وقوله « ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا » القول الثالث الوقف حكاه ابن القشيري وابن برهان وقد فصل بعضهم تفصيلا حسنا فقال إنه إذا بلغنا شرع من قبلنا على لسان الرسول أو لسان من اسلم كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ولم يكن منسوخا ولا مخصوصا فإنه شرع لنا وممن ذكر هذا القرطبي ولا بد من هذا التفصيل على قول القائلين بالتعبد لما هو معلوم من وقوع التحريف والتبديل فاطلاقهم مقيد بهذا القيد ولا أظن أحدا منهم يأباه البحث الرابع الاستحسان واختلف في حقيقته فقيل هو دليل ينقدح في نفس المجتهد ويعسر عليه التعبير عنه وقيل هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى وقيل هو العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة الناس وقيل تخصيص قياس بأقوى منه ونسب القول به إلى أبي حنيفة وحكي عن أصحابه ونسبه إمام الحرمين إلى مالك وأنكره القرطبي فقال ليس معروفا من مذهبه وكذلك أنكر أصحاب أبي حنيفة ما حكي عن أبي حنيفة من القول به وقد حكي عن الحنابلة قال ابن الحاجب في المختصر قالت به الحنفية والحنابلة وأنكره غيرهم انتهى وقد أنكره الجمهور حتى قال الشافعي من استحسن فقد شرع قال الروياني معناه انه ينصب من جهة نفسه شرعا غير الشرع وفي رواية عن الشافعي أنه قال القول بالاستحسان باطل وقال الشافعي في الرسالة الاستحسان تلذذ ولو جاز لأحد الاستحسان في الدين لجاز
240
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 240