ونهض من بعده أئمة أهل البيت عليهم
السلام , فهم الراسخون في العلم, وهم عدل القرآن الذي أكد عليه النبي صلى الله
عليه وآله وسلم في مواقف عديدة. وعلى رأسهم أول من تكلم في تفسير القرآن بعد رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،
وهو أعلم المسلمين بكتاب الله وتأويله بلا مدافع، بل هو باب مدينة العلم. عن ابن
مسعود أنه قال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإن
علياً عنده من الظاهر والباطن([2]).
إلا أن تفسير القرآن الكريم مما لا يوجد نص قرآني
صريح في تفسيره, أو يؤثر فيه نص صحيح من المعصوم, أصبح كسائر العلوم من حيث
احتياجه إلى أسس ضابطة, إذ ابتعد المسلمون عن عهد نص المعصوم, فصار لزاماً البحث
عن هذه الأسس التي لابد منها في عملية التفسير لاستعمال الأدوات الخاصة من أجل
التوصل إلى الغاية القصوى الممكنة في اكتشاف المراد من النص القرآني, لتسير هذه
العملية على هذه الأسس بطريقة منهجية تطّرد في جميع مناهج المفسرين, وذلك لتقليص
شقة الخلاف بين المفسرين بالنسبة إلى الاختلاف المنتج للفهوم المتعددة من دون
تعارض. وسد الثغرات التي يمكن أن تنفذ من خلالها الآراء المبتنية على التعسف أو
الرأي المحض بدواعيه البعيدة عن الاستكشاف الموضوعي المجرد للنص القرآني من لغرض
بيان المراد.
ولكن المؤشر
أن العملية التفسيرية ظلت غير محاطة بسور يحيطها يتمثل بأسس منهجية, كما في سائر
العلوم, مثل علم الأصول للفقه, بسبب أن التفسير احتفت به عوامل أدت إلى تأخر
التأسيس النظري متمثلة بمشكلات في المنهج النقلي بما فيها من التوسع في التوقيف
على التفسير النقلي, ومصادرة المنهج العقلي بكل ما يشتمل من مقدمات تعد طرقاً لفهم