أو كانت إحدى الآيتين مطلقة والأخرى
مقيدة»([1022]),
ثم علق على ذلك قائلاً: «فإنه أطلق لفظ النسخ في الآية وأراد به التخصيص، وكثيراً
ما يوجد عن ابن عباس وعن غيره من أهل التفسير إطلاق لفظ النسخ ومرادهم التخصيص،
فإنما أراد قتادة بذكر النسخ في الآية التخصيص لا حقيقة النسخ، لأنه غير جائز ورود
النسخ إلا فيما قد استقر حكمه وثبت، وغير جائز أن تكون الآيسة مرادة بعدة الأقراء
مع استحالة وجودها منها، فدل على أنه أراد التخصيص»([1023]).
وهذا التعليق تام في بيان استعمال المتقدمين لفظ النسخ في موارد التخصيص.
ولعل ذلك نتيجة للتوسع في فهم أصل
الفكرة، كما يمكن أن تكون نتيجة الفهم الأولي لأول وهلة لبعض الآيات القرآنية. ومن
هنا وقع الاختلاف بين العلماء في تعيين الآيات المنسوخة والآيات الناسخة. فبين من
بلغ بتعدادها إلى138 مورداً, وبين من أنكر وقوعه([1024]).
وقد أشار البحث إلى جملة اختلافاتهم
في الفصل الثاني من هذه الرسالة, عند ذكر الاختلاف في الناسخ والمنسوخ([1025]).
وتشتمل مباحث النسخ على مفردات
دقيقة, ينبغي للمفسر أن يتنبه إليها, لما يترتب عليها من دلالات الخطاب, لتوظيفه
في بيان المراد, كنسخ التخفيف, ونسخ التخيير, ونسخ آية بآية على قراءة معينة من
دون غيرها,