responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار    جلد : 1  صفحه : 220
قوله تعالى:

إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ*تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ([954]).

فحقيقة «الشهيق هاهنا الصوت الفظيع، وهما لفظتان، والشهيق لفظة واحدة فهو أوجز على ما فيه من زيادة البيان.

وتميّز: حقيقتُه تنشق من غير تباين، والاستعارة أبلغ، لأن التميز في الشيء هو أن يكون كلّ نوعٍ منه مبايناً لغيره وصائراً على حِدَتِهِ، وهو أبلغ من الانشقاق، لأن الانشقاق قد يحصل في الشيء من غير تباين.

والغيظ حقيقته شدة الغليان، وإنما ذكر الغيظ، لأن مقدار شدته على النفس مدرك محسوس، ولأن الانتقام منا يقع على قدره، ففيه بيان عجيب وزجر شديد لا تقوم مقامه الحقيقة البتة»([955]).

وهكذا فإن الاستعارة قد حققت في الألفاظ الثلاثة الشهيق, تميّز, الغيظ دلالة لا يمكن استيعابها في دلالتها الحقيقية الموضوعة لها في أصل اللغة, لو استعملت بدلها, وفي هذا الاستعمال الاستعاري صوت نار جهنم بصورة هائلة إذا تخيلها السامع ازداد منها رعباً, وملئ منها فزعاً, وكأنها مخلوق ذو قوة وبطش, ومجهول ذو منظر عبوس, وبذلك يتجلى في هذه الاستعارة إعطاء صفة الفعل لمن لا يفعل, وإضفاء وصف التمكن للكائنات وإن كانت غير متمكنة بنفسها([956]).

فينبغي للمفسر أن يتأمل كثيراً منفقاً قصارى جهده فيما تحمله الاستعارة من دلالات جديدة, إذ لولاها لضاق اللفظ الحقيقي عن الإحاطة الشاملة لمراد الخطاب الإلهي الذي ينتقل بالسامع إلى خيال عالم الغيب الذي لا يمكن أن يدركه على واقعه, وذلك بواسطة بديل هو استعارة صورة يمنحها قوة تتوغل بواسطتها في النفس, فيستعظمها المخاطب بحيث يعود لفظ الاستعارة متميزاً لا يسدّ مسدّه لفظ سواه.

الكناية

«إنّ اللغة المهذبة مصدر إيحائي من مصادر الفكر العربي


[954] - سورة الملك: 7-8.

[955] - أبو هلال العسكري - الصناعتين:277.

[956] - ينظر: محمد حسين علي الصغير- أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 118.

نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست