نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 200
والنثر في اللغة «رميك الشيء بيدك متفرقاً، ويقال: أخذ درعا فنثرها على
نفسه، ويسمى الدرع النثرة إذا كانت سلسة الملبس»([854]).
والنثر في اللغة العربية نثران: نثر
معتاد ميسر يتخاطب به الناس في أمورهم الحياتية يعبّرون به عن أغراضهم على السجية,
ونثر فنّي يرقى به البلغاء عن لغة التخاطب إلى منزلة من الفن الراقي والإجادة
المتقنة فيغدو توأم الشعر وقسيمه, وعن هذا النوع من النثر تتحدث كتب الأدب والنقد.
ومن المسلّم أن النوع الأول لغة
الناس جميعاً, وإن أبناء اللغة يتناقلونه بالمشافهة ويتعلمونه بالسماع, ويستوي في استعماله
المتعلم وغيره.
وأن النوع الثاني لغة الخاصة ممن
أوتوا البلاغة ورهافة الحس, وحسن التصرف بمفردات اللغة وتراكيبها, وسعة الخيال
والقدرة على الابتكار([855]),
وقد يعدّ النثر المعتاد «أسبق من الشعر, وإن في ظهور الثاني - النثر الفني - خلافاً,
فمن الدارسين من يجعله أسبق من الشعر, لأنه أبسط من الشعر, فهو خلو من الوزن, قليل
الحظ من الخيال, يؤثر الحقيقة على المجاز, ودقة التعبير على جماله. ومنهم يجعله
لاحقاً للشعر, لأنه لغة العقل. والشعوب تبدأ شاعرة وتنتهي كاتبة, تبدأ بالشعر الذي
يغني عواطفها, وتنتهي إلى النثر الذي يترجم أفكارها. وكلما تمرّست بالعقل ارتقى
نثرها, وازدادت فنونه نضجاً وتنوعاً»([856]).
فقد اشتمل النثر على الإيفاء
بالمطلوب وتغطيته مع سلاسة ألفاظه وسهولة تقبلها غالباً, فهو صناعة كلام بليغ
وفصيح مشتمل على الانتقاء المعتبر عندهم في الكلمات وتخيّر العبارات وتوظيف ذلك في
أصناف النثر من خطب ورسائل وحكم ومواعظ ودعاء وأمثال ووصايا, ثم المسرحيات
والمقالات وغير ذلك من الأمور بانسجام وخلو من التعقيد بكلام ينساب كانسياب الماء،
يكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة, وكلما قوي الانسجام في النثر بين
ألفاظه ومعانيه جاءت فقراته متلائمة متوازنة, حتى قيل أن النثر أرفع درجة من
الشعر، وأعلى رتبة، وأشرف مقاماً،