5 - قد يرد الجمع بين المجرورات, كما
في قوله تعالى:
ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ
تَبِيعًا([757]).
فإنه قد توالت المجرورات بالأحرف
الثلاثة: اللام في لكم وعلى في علينا, والباء في
به، وهذا وإن كان الأحسن الفصل بينها في سائر الكلام إلا أن مراعاة
الفاصلة اقتضت عدم الفصل([758]).
6 - تتعاور
حروف الجر في معانيها فقد يستعمل أحدها مكان الآخر, وهذا أمر مهم حيث لا يمكن أن
يجزم باستعمال حرف مكان حرف إلا بدليل «لأن لكل حرف من حروف المعاني وجهاً هو به
أولى من غيره، فلا يصلح تحويل ذلك عنه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها»
([759]).
فلابد من
التأمل طويلاً في معاني حروف الجر كسائر حروف المعاني قبل الحكم بتبادل حرفين
منها, فقد «يتقاربان في الفائدة فيظن الضعيف العلم باللغة أن معناهما واحد وليس
بذلك»([760]),
وإنما تتعاور الحروف بمتعلقات معانيها بما يعبر عنها عند تفسيرها مثل قولنا
من معناها ابتداء الغاية, على معناها انتهاء الغاية،
فالمراد متعلقات معانيها: أي إذا أفادت هذه الحروف معانٍ في غيرها([761]).
و لا شك أن ذلك مما يستدعي مزيد
عناية في التفسير, لما يترتب عليه من آثار مهمة جداً, كما في تفسير قوله تعالى:
لما له من أثر كبير في تغير المعنى
وما يترتب عليه من الأحكام, فربما قدّر النحويون حرف جر لمن قرأ
وأرجلكم بالجرّ ,عطفاً على رُءُوسِكُمْ, فمن قرأها بالجر
عطفها على الرؤوس, ومنهم من قال بالجر
[756] - ينظر: محيي الدين عبد الحميد -هامش شرح
ابن عقيل: 1/301.